نوفمبر
15
أنت شريك في سموها وانحطاطا

عندما تلجأ إليك ابنتك أو أختك طلبًا للمساعدة في مواجهة مشكلة أو خطأ وقعت فيه، يجب أن يكون رد فعلك الأول هو الاستماع إليها بكل اهتمام. فقد تكون تعرضت لموقف صعب، سواء نتيجة غفلة منها أو استغلال من الآخرين، أو حتى مضايقة خارج إرادتها، في تلك اللحظة الحرجة، تحتاج إلى دعمك وتفهمك. إن الإنصات لها […]

نوفمبر
14
كيف يمكن للفسلفة أن تحسّن قراراتنا اليوميّة

بداية الفلسفة تجعلنا في موضع تفكير وتساؤل، ما الشيء المهم في حياتنا، أو الشيء الذي قد يضفي معنى على حياتنا؟ فثمّة قيم ومبادئ خاصة بك عليك أن تحددها وتحدد أولوياتك منها، لكن إذا كانت هذه القيم ضبابيّة سيكون اتخاذك للقرارات صعبا وعشوائيا وبعدم وجود قيم لديك لن يكون لحياتك معنى. بول سارتر كان يرى أنّ […]

نوفمبر
14
عن أسد الصحراء

للعرب قادة عظماء، كلما سمعت أو قرأت عن أحدهم، تستقيم على رجلك ثابتًا مندهشًا، وإجلالا كرجل عسكري في حضرة وصول القائد.كانت قيادة تؤمن بقضايا الوطن وحق الحرية للأرض والإنسان. الشيخ عمر المختار واحد من قادة العرب الكبار الذين واجهوا أعتى إمبراطورية أوروبيّة، في سن متأخر. قيادة لم تستسلم للعجز رغم شيخوختها، ولم تخف يوم التلاحم […]

نوفمبر
07
والدك

يبدو غريبًا فلا تعرف نواياه، تتوه في دروب الحياة ثم تعود فلا تلقاه نفس الغريب الذي كان في زمانٍ غابر، يخطفه الملك فيصبح غريبًا في ذكرياتك، كما لو أنك لم تحيا معه سنين. «كان رجلاً جاهلاً ولم يتعلم أيّ شيء» تخيل نفسك أمام طفلك، اسأل نفسك من الآن ما الذي ستقدمه له؟لا أتحدث عن الملبس […]

نوفمبر
01
بين جمالية اللحظة وحتمية الزوال

لعل أعظم مأساة وجودية نعيشها هي إدراكنا لفناء كل شيء من حولنا.لم يكن ريلكه، وهو يراقب جمال الحديقة، وحيدًا في إحساسه بمدى هشاشة هذه الحياة وجمالها العابر. الشاعر مارسيل بروست، الذي أمضى حياته يبحث عن الزمن المفقود، كان كذلك يشعر بهذا الثقل المأساوي؛ لقد أدرك بروست أن كل لحظة نعيشها هي لحظة في طريقها إلى […]

أكتوبر
31
من فجر الدعوة إلى الطوفان- القضية لا تموت

تُعد الدعوة الإسلامية فجرًا تاريخيًا يعكس قيم الحق والعدل، حيث واجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه تحديات كبيرة من قريش.إن جهاد النبي وفتوحاته يمثلان مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق هذه القيم.أظهر أبو إبراهيم، من خلال مسيرته، أن النضال ليس مجرد سلاح، بل هو مجموعة من القيم والمبادئ التي تستند إلى رؤية عظيمة. […]

أكتوبر
29
عصا النبوءة

ما زلت أتأمل في ملامح  آخر لحظة نضال، الربع الأول من الدقيقة الثانية، هكذا يتصور لي المشهد بين الفينة والأخرى، رجل ستيني، يتمترس داخل منزل مدمر ومحاصر، بعصاه يحمي قلبه الذي ينزف شعبًا بأكمله منذ ثمانية عقود، يجلس على كرسي مترهل أغبر، مخاطبًا سردية العدو:-لا أختبئ في الأنفاق.يصون كرامة المقاومة التي لا تتخذ الأسرى دروعاً […]

أكتوبر
23
اللغة والانسلاخ الثقافي

في أواخر ستينات القرن الماضي، سعت أغلب الدول الأفريقية نحو الاستقلال من كل النواحي الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية والسياسية، بعد خضوعها لاضطهاد المستعمر الغربي. حتى نعتبر تلك الفترة التاريخية المهمة، سمة من سمات بزوغ شمس النّضال في الدّيار الإفريقية،نادى أبناء ماما إفريقيا بأعلى صوتهم،قائلين  لقد آن الأوان أن تدار القارة السّمراء بواسطة أبنائها، سياسيًا وثقافيًا […]

خالد الأمين- كاتب

#تشاد

“قارب يلاحق مرساه”

عند استهلالي في قراءة رواية جدي، انتابني شعور بأنها ستكون رواية أو حكاية من حكايات قصص الحب المبتذلة، وستجري أحداثها بين إثنين تمرغهما الحياة بقسوتها، وتمتحن صدق حبهما، عاشقان يعيشان قصة من الخيال، ويقتاتان على بصيص من الأمل، يسوقهما الأقدار إلى مستقبل يكلل قصتهما بالنجاح، والزواج، أو وخيم محاط بحائط سرمدي يمنعهما من التلاقي وتحقيق أحلامها سويًا..

ولكن” قارب يلاحق مرساه” جاءت صادمة ضد توقعاتي، فقد كانت ملحمة إنسانية لتوتولا الجنوبي، ذو الشعر الأجعد، والأنف الأفطس، وملامحه الفاضحة التي تشي بجنوبيته، وترفع اللثام عن فقره وعوزه، وتكشف عن حاجته..

جنوبي ولد في قرية بعيدة من قرى الجنوب، وفي فمه ملعقة من المعاناة والأسى، ونشأ في مجتمع قروي من دون أب يسند إليه ظهره مع تكالب بنات الدهر حوله ، وبثروة زهيدة حدها الأقصى خنزيرين يفوحان بالنتانة والعفونة، وديك أسود منزوع الريش، متدلي الرأس، قد عفرته الحياة بالهزائم، واسقطت عنه الهيبة، وبات كهلًا مقطوع الصوت، ومهزوم الخاطر!

جنوبي وكاثوليكي يزور الكنيسة مرة واحدة في الاسبوع، يقضيها متضرعًا في جوار الصليب، ويقضي ليالي الأحد مع النبيذ منتشيًا، وبرفقة فتاة جنوبية مفطوسة الأنف، وذو شعير قصير مجعد، لا يتجاوز لحمة أذنيها، وحالكة السنحة، وذلك إن حالفه حظه السعيد، وقُبلت صلواته المتضرعة، وتلاواته المخلوطة بالطرب والغناء في كنيسة الرب، واعترافه لخيباته أمام القسيس..

يحزم أمتعته فجأة، ويبيع ثروته، ويودع أمه الكهل، ويترك قريته النائية في أحضان الجنوب البعيد خلف ظهره، ويجري خلف السراب، وأمام ناظريه حُلم مشوش، وأمل مجهول الهوية، وأضغاث مبعثرة، وطموحات تعانق السماء الممتدة أمامه نحو الأفق البعيد…

يركض صوب العاصمة”انجامينا” مدينة الأحلام، وغاية طموحه؛ ولكنها بداية المأساة، وأول الملحمة التي سيعيشها… عندما حاول توتولا شق طريقه بين مجتمع شمالي مسلم، يختلف عنه في طريقة حياته القروية… مجتمع شمالي مسلم عنده الجنوبي ليس إلا خادمًا مذلولًا، يخدم في بيوت الشماليين الأثرياء، أو ملمع للأحذية يملع أحذيتهم فوق الطرقات، يجوب شوارع المدينة بحوزة صندوق خشبي يحمل فيه عدته، ويتجول بين الأزقة المترامية بين الأحياء المختلفة، تلفحه حرارة شمس انجامينا الحارة في مواسم الصيف، ويطعنه البرد بطعناته القارصة في شتائه البارد… يجمع حفنات من المال البسيط، يعمل بكد ويرتقب قدوم أيام الأحد بلهفة، حيث الكنيسة والصلاة في بداية الصباح، وبعده يعقر كؤوس الخمر في حانات ديمبي المنتشرة في ناحية جنوب العاصمة، ويقضي لياليه في الرقص والطرب برفقة حسناوات الجنوب..

عند وصوله لأرض الأحلام،يحط من راحلته في جنوب العاصمة، ديمبي، في حارة سكانها من الجنوب المسيحي الذين يشبهونه في الشكل وطريقة المعيشة.. وتبدأ رحلته في بيت عثمان، سيده الطيب، ذو الملامح الدقيقة، وسحنته السمراء، وشمائله الحميدة، والذي يعكس جانب من جوانب الشمالي الطيب.. وزوجته البيضاء، فارعة الطول، وجميلة المحاسن، ذو الشخصية المستبدة والمسيطرة..

في “قارب يلاحق مرساه” يقبض على يديك جدي باحترافية الروائي المتمرس ويغوص بك في عالم العاصمة، انجامينا، الخليط من أطياف المجتمع المتباينة، ويعرج بك وقد ملأ صدرك بعليل هـواء الطبيعة الخلابة، ومعالم المدينة وحواريها التي قاربت بينها المسافة، وباعدتها الاعراق والعادات المختلفة، والشمال والجنوب، والقبيلة والعصبية، والتنوع الديني على حده الإسلامي والمسيحي.. وفي الطريق ينحي بك هنيهة، ويقف معك عند جزء من المجتمع حمله معه الفرنسي من بقاع الأرض البعيدة، ودسه في أرض تشاد، فنبتت فيها وترعرعت تلك البذور، وأمتدت جذورها إلى عمق الإنسان الخليط بالأرض والأصل والفصل..

ولكي لا أقطع حبل أفكار القارئ.. سأقف هنا فالكلام لا ينتهي، والعمق طويل، والرواية تستحق القراءة المتأنية والمتمحصة الدقيقة..

شكرًا جدي Mohammed Djiddi Hassan على هديتك التي قطعت المسافات البعيدة واستقرت هنا في القلب.

2 thoughts on “قارب يلاحق مرساه”
  1. قارب يلاحق مرساه، حقيقة رواية جميلة جدا، هذه الرواية تأخذ إلى فيافي الدولة ووديانها.
    هذا القارب يجعلك تعيش أجواء حياة العديد من الشعب التشادي بكل جهاتها المتفرعة.

    شكرا لك يا العزيز جدي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *