عبد السلام صالح محمد- أديب
#تشاد
إنها آخر ساعة من ذلك المساء الجميل، بعد لحظات من توقف رذاذ المطر، كان الجو غائما مُغْرٍ بالجلوس أمام المنزل، قبل أن يطفئ النهار أضواءه ويسدل الليل أستاره ليكسو بحلته السوداء طرقات مدينة الظلام، قال لصديقه: ” جَوْ دا هنا شاي والله ” – حقا هنا شاي، ومن دون أي تردد نادى أخته ” حوا، حوا ” أجابته بصوتها الرخيم: نعم، فبينما هو يأخذ كرسياً يتجه به نحو الشارع ليقتل ما تبقى من النهار الذي يلفظ آخر أنفاسه بالنظر إلى المارة؛ الماشين والجايين، يقول لها: ” سَوِّي لينا شاي خفيف مظبوط وحلو، هَسع بس عجلا عجلا خمس دقائق بس ” ثم لا يأبه بردها وخرج، ولا يدري هل هي مشغولة أم لا، فهو على ثقة بأنها لا تعترض على مثل طلباته هذه، حتى لو تضحي بمذاكرتها أو اطلاعها أو تقطع متابعة مسلسلها المولعة به، أو برنامجها المفضل، وتقوم بإعداد الشاي لأ خيها من غير أن تنتظر شكراً أو كلمة طيبة من أحد في هذا المجتمع الذي يعتقد أن الأنثى ما خُلِقتْ إلا لخدمة الرجل، وتَلْبِيَة مطالبه اللانهائية، طبيعي جداً أن ينطبق عليه وصف المجتمع( الذكوري )
ما هي إلاّ بضع عشر دقائق فإذا بها تحمل بين يديها اللطيفتين الناعمتين، ” صبارة الشاي ” رافلة في ثوبها الفضفاض تجر وراءها أزياله كمن تمسح به آثارها، كأنها هي التي وصفها امرؤ القيس ” تجر وراءنا على أثرينا زيل مرط مرحل ” هاشة باشة تعلو ثغرها ابتسامة مضيئة، منطلقة الوجه غير عابسة، وضعت الشاي بكل أدب واحترام أمام أخيها، فقام هو بدوره يمازحها، فازدادت ابتسامتها الجميلة إضاءة وإشراقا.
ما أجمل أن تكون في بيتكم” أخت ” كالفراشة، تنشر المحبة والجمال في المنزل.
إن مثل هذه الأعمال البسيطة التي تقوم بها الأخوات في البيت، لها قيمتها الكبيرة، وأثرها في توثيق الرابطة الأخوية بين الأخ والأخت، ما هي سوى دقائق معدودة فقط، تصنع الوُد والتقدير، ليس كما تقول البعض” أنا لست خادمة ” هذا لا علاقة له بذاك، إنها بصمة تتركونها وسيفقدك الجميع و يتذكرونك يوم تنتقلين إلى” عشك الزوجي ” كوني خفيفة في بيتكم كفراشة، واتركي أثرا جميلاً لا يمحى من ذاكرتهم، فقط بمثل هذه الأشياء البسيطة، أنت ” أيقونة البيت ” فلا تتمردي على قيمك الجميلة.