ديسمبر آخر
عام آخر مضى على خطى سابقه، لا أود اليوم سماع أي أخبار، سأتعمد ذلك
أو دعني أسميها بمسماها الحقيقي، لا أود سماع ومتابعة الفجائع اليومية
في اليوم الأخير من عام كان عبارة عن جهاد مستمر ضغط وازدحام أفكار.
عام عايشنا فيه كل شي إلا البقاء آمنين.
زلفت إلى باب الحياة السري (الكتابة) وفي أحيان كثيرة أقيم دون كتابة شيء، ولكني أستمتع بشعور أني كاتبة وأنني حرة.
تلك الرتبة أو الدرجة الحياتية التي منحتني إياها المواجع والقهر والظلم والخيبات.
هنا دولتي دولة القانون العدل والمساواة، خارجها حكومات الغاب
فنهرب من الغاب بعقولنا، هنا لا أحد يحاسبني على أفكاري وانتماءاتي
وماسلبتني إياه قوة السلاح أستعيده بقلمي هكذا الأشياء………. هكذا
أن تنجو بنفسيتك ولو لحظات هذا أمر جيد جدا.
ولاينجو باطن العقل من ترسبات مشاهد النهار ورائحة الدماء وتظل تقلق مضجعنا بالحمى والهضربة والسهر.
يختلف العام عن سابقه في بعض الأشياء رغم التشابه التؤامي أصبحنا فيه خبراء حرب نعلم جيدا مسميات الاسلحة وتمييزها من السماع وكذلك أيام التدوين وساعاته، أكثر شيء يخيفنا هي الأيام، لا أدري كيف مصطفى سيد أحمد لايخافها حينما قال: أصلي لما أدور أجيك بجيك لابتعجزني المسافة لابقيف بيناتنا عارض لا الظروف تمسك بأيدي ولا من الأيام مخافة. …………………….
كان عامي الثاني في الحرب بلغتُ من العمر حرب وثورة، موت وحياة فقد واستشهاد ونجاة، ربح وخسارة،عدم ووجود.
كانت الأيام بمنطقها المتناقض تدور عجلتها الصدئة بلا رحمة، فتبعث أصوات مزعجة تربك ثباتنا المصطنع
تتصدر ذكريات ديسمبر نخبة الذكرياتَ وتمر مواكب الماضي هادرة أمامي، ظننت وقتها أن ذاكرتي بلا ماضي.
ليس ثمت شيء، هذي أنا أقف على عتبات السنوات ويستفيض قلمي بوحا، النهايات عند الغالبية أمر غير مشكور وخصوصا في الموروث الشعبي السوداني فكان آخر الجزاء أذى، وآخر البليلة حصحاص ولم يذكر جمال وطعم البليلة، قيل نهايتها أتت. المقولة عند النهاية فقط ودحضت البداية والكثير من المقولات المرادفة وكان آخر السنة.
ديسمبر فلقي نصيبه
إنها بعثرة النهايات وأضغاث أحلام الأمنيات وثوب لا يليق
وحقيبة سفر تائهة بين السطور.
ليس الشيء الاسوأ في الحرب أن يفقد الإنسان روحه بل الأسوأ أن يفقد قيمته.
أمنيات مرجوة وأرواح تتخندق بانتظار السلام.
بقلم/ منى عبد الرحيم صالح.