مع سمية حماد
أنا الحكايا المُعلّقة
الضحكات العالية .. والطويلة
الحرف الذي يشتاق جداً
المناديل التي اعتادت عناق الدمع
الأحلام والمُنى التي لا زالت عالقة .. منذ الصبا
الليل الذي يأنّ لفقدك
العطر الذي اختار العزلة .. حين رحلت
المقاعد التي افتخرت بحضورك
الهواتف التي حملت صوتك .. صوتك أنت وفقط
الورق الذي اصفرّ بعد فجيعة فقدك
الفكرة الرائعة في مخيلتنا والتي لا تستطيع الكتابة
أن تمنحها ذات الطهر والرونق
أنا الطفلة المدللة .. المراهقة المتمردة .. الشابة الناضجة
المرأة الصبورة .. الأنثى التي تخشى كثيرة
والعجوز الضاحكة ..
أنا ابنة طاهر .. باختصار ..
هكذا أُجيب على سؤالكم
” كيف تعرّف سمية حماد عن نفسها ” ..؟!
.
.
* ماذا يعني ” سين ” ..؟
عُدت إلى بريدي العتيق جداً حتى أتاكد من التاريخ
وكان ذلك في ١٨/١٢/٢٠٠٩
حين أتممت قراءة رواية للمختلف جداً – عبده خال –
وبعثتُ له بريد إلكتروني ولم يُخيّل لي رده الأنيق
بدأ رسالته بـ ” أيتها السين تهطلين كغيث بأرض قاحلة
فتتشربك رمالها ..
هل تحملين شارة لتائه ..؟
وبعد هذا اللطف الطاغي أصبحتُ من حينها وأنا ” سين ” ..
.
.
* عرفينا عن تجربتك الأدبية ..؟!
هي ربما بداية متواضعة عن كونها تجربة أدبية .
بدأت بهوس اقتناء ” مجلة فواصل ”
وهي مجلة تُعنى بالأدب والشعر ..
ومن بعدها مداخلات وبعض فضفضات في المنتديات
وقصاصات في دفاتر لا زلت أحتفظ بالكثير منها .
وفي ذات حديث مع صديق ملائكي “رحمة الرحيم تتغشاه”
انتصرت فكرة جعل الأفكار التي تحملها حروفي
بين دفتي كتاب ..
وأن حروفي لن تظل مسجونة في خيالي ..
قررت حينها تخفيف حمل المتاهة في روحي
في محاولة لإزالة ثقل ذلك بالكتابة ..
وكان للـ ” يباب ” صافرة البدء
وبعدها ” أحايين ” ..
.
.
* كان سؤالكم هنا حول الأسماء التي لها بالغ الأثر
في حب الأدب لديّ ..؟
دعني صدقاً أؤكد لك أن كل سطر بل كل حرف
يترك الأثر في روحي ومبادئي وزاوية رؤيتي للأمور
كل كتاب وكاتب كان بمثابة قميص يوسف على قلب يعقوب
ولا ننسى كوني مزاجية من الدرجة العالية
ويكون حينها لكل حال كتاب
ولكل مزاج كاتب ..
.
.
* كيف تشرحين اختيار عناوين الكتب
بين “يباب ” و ” أحايين ” ..؟
يباب كان عبارة عن رسائل لا زاجل يقوى على حملها
كانت وكأنها البئر الذي لا ماء فيه
المدينة الخربة .. لا بشر فيها ولا زرع ..
لا شئ سوى اليباب ..
حروف منها ما سقط سهواً .. ومنها ما اعتلى عمداً
يباب كان روح .. لروح يباب ..
وربما الغلاف يختصر بعض من ذاك الأسى ..
وأما ” أحايين ” هو اجتماع لحالات إنسانية نعيشها جميعنا
بين خوف ويأس .. حب وبعض خداع
حين تناقض وضلال .. وشعور ثقل الإدراك وضريبة ذلك
وربما كانت نداءات حين لا نجد من نخبره أنا لسنا بخير ..
وفي رواية أخرى ” أحايين ”
هو جمع لكلمة حين والتي كانت في بداية كل نص للكتاب ..
.
.
* هل من الممكن أن تخوض سمية تجربة الرواية أو الشعر ..؟
أحب الشعر وجداً .. أنتمي له وأجد نفسي فيه
ولكني بعيدة أن أصل لعظمة الشعراء
ودوماً أقول ” أحب الشعراء والرسامين ولستُ منهم ”
وأطمح جداً أن أكون روائية .. يوماً ما ..
.
.
* من كان له النصيب الأوفر في التأثير على تجربتك الأدبية خلال مشوارك الإبداعي ..؟
اليُتم وذاك الشعور الذي مهما كتبت عنه
لن أُفلح في وصفه ..
ولأن كل ما هو جيد في حياتي كانت بصمة أبي عليه ..
ثم تلك الرسائل الداعمة والتي هي أعظم مما أحتمل
والثقة البهية من العائلة والأصدقاء هي الطريق والطريقة ..
.
.
* كيف وفقت الأديبة سميّة بين دراسة العلوم وميولها الأدبية؟
غالباً ما أشعر أني لستُ في مكاني المناسب ..
فدوماً أحلم بالسفر هنا وهناك والهجرة لمدة طويلة
كشجرة تم إقتلاعها من الغابة وزرعها في الشارع
هذا الشعور يلازمني كثيراً للأسف ..
فلم تكن ” المحاسبة ” في كلية العلوم الإدارية هي مرادي
ولم تكن ” الأستذة ” هي ما أنتمي له ..
ولن أنسى هنا كرم الله في كل ذلك ..
ولكن شعاري في مقياس الإنتماء عبارة أحدهم :
هو إحنا فين، مشوارنا دا ليه
وإزاي شايلين وإزاي فاضيين .. ( وجه يغمز ) ..
.
ولكني مختلفة في الأدب ..
لا أشعر بأني أمتلأ بالكثير فيه .. وأنا فارغة ..
لذلك أنا دوماً أنتمي للأدب ..
.
.
* حين تلتقي الثقافات في شخص سمية تشادية الأصول الطالبة في الهند سعودية المنشأ كيف ترين حوار الحضارات أو الثقافات؟
وما الحياة سوى تجارب وخبرات وصفعات
خلقتَ منا ما نحن عليه من صلابة ولين ، قناعة وصمود
المكان الذي تتواجد فيه ينعكس على روحك جغرافياً
ويتراءى ذلك بشكل أو بآخر بنسبة متفاوتة في كل تفاصيلك
ونمشي ونحن نقوم بتصفية الجيد منها والتخلص
من الرواسب ..
وان كنت بعيدة عن مجتمعي – مع الأسف –
وهذا مما أُعاب عليه ..
فالنفس البشرية جُبلت على الفضول
واستكشاف أغوار هذا الكون ..
فالإنسان خُلق بعدد لا نهائي من الأسئلة ..
من المجتمع الذي يسكنه يختار منها ما يشاء ليقضي بضع سنون من عمره يبحث عن الحقيقة عبر تلك الأسئلة التي اختارها هو منهم ..
لذلك لا نستطيع تقزيم دور المجتمع الذي نعيش فيه من أثره علينا ..
.
.
* لو أصبحت وزيرة الثقافة في تشاد ماهي مقترحاتك للبث بها كخطة عمل؟
لن أكون عصا موسى .. ولكني سأحاول جاهدة أن لا أكون فرعون ..
سأستمع وأستمع وأستمع حتى يستع أفقي
وأصل لما يجعل الثقافة تقفز ..
سـ أضعَ القبيلة جانباً ..
وأسعى أن لا أنتصر لنفسي ..
ومن بعد ذلك ستكون الكثير والكثير من الخطوات التي يحلم بها الشباب الآن والتي لا مجال لسردها ..
.
.
* من أين تستمد الكاتبة إلهامها واقعا أم تخيلا .. ومالذي يستثيرك للكتابة ..؟
كثيراً ما أتخيل وأنا أقرأ بعض الكتب
صورة عن فكرة نص ما .. بطريقة ما ..
وربما مشهد من فليم سينمائي ..
وحيناً النص يكون انعكاساً لدموع خيبة صديقة لي ..
حوار بين من يجاورني في المقهى ..
أو من بقايا حواراتنا مع ماما واختلافات الرؤى فيها
وبعض الحروف تصف كيف تكون غصة انتظار رسالة
وهي بنسبة عالية جداً وجداً أقرب للحقيقة من الخيال ..
.
.
* كاتبتنا مطلعة على الأدب العربي في تشاد. .هل يحضرك بعض الأسماء؟ وهل ما يقدمه كتابنا في الوقت الحالي كافٍ للتعريف بالأدب العربي التشادي؟
هم وأنا نسير في ذات الطريق
نعمل معاً في زرع قاعدة أدبية .. تُغذي الأدب العربي التشادي والأفريقي ..
فحيناً نصل .. ونقترب حيناً
كـ حال الأدب في أي بقعة على وجه البسيطة
نحن ننظر إلى السماء على أنها في الأعلى
والأرض في الأسفل ..
ولا وجود للفرق بين أعلى وأسفل .. هنا
إذ أن السماء تحيط بالأرض من جميع الجوانب ..!
فمن يخاف المرتفعات يجد راحته على الأرض ..
والعكس تماماً ..
وهكذا نحن وهكذا حروفنا لكل شخص هواه ومعجبيه ..
ولكن لا يزال أمامنا طريق طويلة .. طويلة
ولكنا سنصل يوماً ما ..
.
.
* ماذا تعني الكلمات التالية لأديبتنا /.
الوقت ..
يُخييل لك أنك تملكه ..
دوماً تشعر وأنه خارج نطاق الأهمية ..
وكأنه مضمون ..
ليس كذلك تماماً ..
وفجأة تصل للعدم ..
تقتات على كلمة ” لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة ” ..
الوطن ..
إنتماء وكأنه الأم .. وإن لم تقم بتربيتك
ستظل هي ولا غيرها ..
الأطفال ..
ألطف مخلوقات ربي على الإطلاق
أظن أن رائحتهم فقط .. كفيلة بإصلاح كل شئ ..
الصداقة ..
الحياة كما المسرحية .. هل تكون بلا جمهور .؟!
الأصدقاء هم الجمهور ورهان نجاح المسرحية ..
الذكرى ..
الشعلة التي أحملها في ظلمة النفق الطويل ..
لا أقوى على العيش بلا ذكريات ..
لذلك هي رشوتي للأيام .. حتى تصمت ..
الحنين ..
لـ عروق يده .. ورائحته .. وصوته
وجنة عناقه ..
القلم ..
صوت الحقيقية .. وإن كانت بحة الغصة تعلوه ..
.
.
* ما التغيير الذي أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي عموما والفيسبوك والمنتديات التشادية خصوصا في شخصيتك كأديبة ..؟
تجربتي ليست واقعية .. شخصاً
لأن سين مختلفة تماماً عن سمية :/
فأنا لطيفة جداً هنا .. على سبيل المثال
ولكنها ثريّة جداً وجداً من الناحية الأدبية .
فبعض القامات الأدبية هنا تجعلك تفكر في ذات اللحظة كيف تطور قلمك .. وماهو المعين في ذلك ..
نشأت جُلّ مرونتي في الكتابة .. وطول نفس الحوار لديّ
في وسائل التواصل الاجتماعي ..
لها عظيم الأثر .. صدقاً ..
.
.
* حدثينا عن مشاريعك الأدبية القادمة ..؟
بدأت تظهر الملامح الأولية للعمل القادم والذي أسير فيه بخطوات مختلفة عن السابقتين ..
وأحاول جاهدة أن لا أُكرر فيه نفسي ..
سأسير في طريقين متوازيين وإن كان هناك نقطة التقاء .
.
.
* كلمتك الأخيرة للمتابعين ..
نحن بشر نخاف الحقيقة ومواجهتها ..
فأقنعتنا اليومية تقوم بالجزء الأهم من الستر المرغوب فيه قليلون منّا الذين يحبون الحقيقة ..
ويفنون حياتهم في سبيلها ..
الكتابة هي حق التخلّص من الأقنعة ..
وفن التخفيف من الابتسامات المصطنعة
والطعنات الموجعة ..
الكتابة هي طريقتي الشخصية لسرد تلك الحقائق
التي لا أعرف حتى طريقة نطقي لها ..
نحن وجدنا على هذه الأرض أنقياء ..
ثم تعلمنا هفوات الدنس ..
فلنحاول دوماً أن نعود إلى الأصل
حتى لو لم نكن إلا هامشاً تحت سطور الحدث الرئيس .