ما هو غراس في الروح لا تحركه مفاتن الجسد، بل هو بذرة تنمو في أعماق الكيان، حيث يتحد العقل والقلب في انسجام تام.
إنه ذاك الارتقاء الذي يربط الإنسان بما هو أبعد من الحواس، بما هو أبعد من اللحظة الآنية، ليصل إلى مركز المعنى حيث الحقيقة تكمن.
فلسفة الماندالا:
في فلسفة الماندالا، الروح هي الدائرة المقدسة التي تحتوي على جميع أبعاد الحياة، وحين ينغمس الإنسان في سعيه الروحي، فإنه يبدأ رحلة نحو المركز، حيث تتلاشى كل الأوهام الحسية، وتتحد الأضداد في نقطة من السلام الكامل.
العلاقة الروحية بين الجسد والروح ليست انفصالًا أو صراعًا، بل هي وحدة متكاملة، حيث يصبح الجسد مجرد أداة لاحتواء الروح، وحيث ينظر الإنسان إلى الجمال الخارجي على أنه انعكاس للانسجام الداخلي.
الجنس هنا ليس مجرد فعل جسدي، بل هو طاقة حيوية يمكن تهذيبها وتوجيهها نحو الاتحاد مع الذات العليا، نحو خلق ماندالا داخلية، حيث يلتقي الإنسان مع جوهره الحقيقي.
علم النفس الإسلامي:
في علم النفس الإسلامي، العلاقة بين الجسد والروح تستند إلى فكرة التوازن، حيث الجسد هو أمانة والروح هي النفخة الإلهية التي تضفي على الإنسان قيمته وهدفه، الجسد خلق من الأرض فغذاؤه من الأرض والروح خلقت في السماء فغذاؤها من السماء وإذا جاعت الروح، لم يشبعها غير الوحي، وكلاهما يؤثر نوعية غذائه على الآخر.
الطاقة الجنسية في الإسلام ليست محظورة أو مدنسة، بل هي نعمة إلهية تُصان وتُوجه في مسارها الصحيح، لتكون وسيلة للسكينة والمودة والرحمة.
لكن الروح هي الحاكمة، وهي التي ترتقي بهذا الفعل من كونه حاجة فطرية إلى تجربة عميقة تُشبع القلب وتُرضي الله.
تكامل الفلسفتين:
عندما نتأمل فلسفة الماندالا وعلم النفس الإسلامي، نجد أن العلاقة بين الجسد والروح ليست ثنائية منفصلة، بل هي دائرة متكاملة تدور حول محور النية والطهارة، الغراس الذي ينبت في الروح، هو ذاك الذي يسقيه الإنسان بمعرفة الذات وتأمل الجمال الحقيقي، الذي لا تلوثه الشهوات العابرة.
إنها تلك اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أن الحب والعلاقة ليست في مجرد الجسد، بل في التجلي الإلهي الذي ينعكس في أعماق من يحب. إنها دعوة إلى التوازن، إلى فهم أن اللذة الحقيقية تكمن في الاتحاد الروحي الذي يحمل الإنسان نحو الأبدية، حيث يكون الحب انعكاس للجمال الإلهي في الكون.
بقلم ابتهال أزهري