يعتبر الطفل أكبر ضحية في انفصال الوالدين، لا يعرف إلى أي جهة يميل، تائها بينهما، كأنه في بئر عميق يمد يده لكي يساعده أحد ويخرجه من هذا البئر العميق، وكأنه في صورة مع والديه يمسك والده يده اليمنى وتمسك والدته يده اليسرى كل يشده على اتجاه، إن اختار الوالد ومهما وفر له الإمكانيات اللازمة من ملابس وألعاب…. سيفتقد الوالدة، وإن اختار الوالدة ومهما وفرت له من الحنان والمحبة سيفتقد الوالد، بينما أمنيته الوحيدة أن يراهما معاً، دون أن يتشاجرا أمامه ويرفعوا أصواتهم عالية.
كما أن بعض العائلات مشغولة جداً في الأعمال ليس لديهم وقت فراغ ليهتموا بالطفل، يتركونه مع الخادمة ويذهبوا إلى أعمالهم، فالطفل يشعر بالوحدة وعدم اهتمام الوالدين به، حتى عندما يصيبه مرض لا يشعرون به من كثرة مشاغلهم ومن ثم يهرولون به إلى المستشفى، ثم يعيدوه إلى البيت ويذهبوا إلى أعمالهم، بالنسبة لهم سلامة طفلهم ليست أولوية، المهم أن يلتزمو بأعمالهم، الصغير لا يفارق وجهه الشجن، وحيد مكتوم النفس ومحزون يبكي ويصرخ لا يسمعه أحد، حتى الخادمة مشغولة في أعمال الطبخ والنظافة، صغير تربى على يد الخادمة لم يذق طعم حب الوالدين.
يتربى الطفل الذي انفصل والداه ويترعرع وحيداً، وعندما يكبر لن يشعر بغيابهم، فقد اعتاد من صغره على غياب والديه، فالطفل يكبر مع مرور الوقت ويعتمد على نفسه بدون حاجة إلى أي شخص آخر، ويهتم هو بنفسه يشتغل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ليكسب قوت يومه، رغم وجوده مع العائلة لا يشعر بالسعادة، تارة يزور والده في عمله وبعد فترة يزور والدته في بيت زوجها ليطمئن عليهم، ويعود إلى البيت بعد زيارته إلى والده و والدته يعود حزيناً يدخل غرفته ويغلق عليه الباب يجلس في زوايا الغرفة،
يفكر ويتألم…..ويتساءل لماذا لا أعيش حياة سعيدة مثل بقية الأشخاص، لماذا لا أعيش حياة سعيدة بدون مشاكل وعراقيل،
وفي النهاية هذا هو قدري المكتوب لم يحالفني الحظ على أن أعيش حياة سعيدة مع أب وأم في بيت واحد، وهكذا كانت حياة طفل صغير من الطفولة إلى المراهقة.
بقلم/مصطفى روزي