يناير
20
النفس والماء رؤى فلسفية

فورتونا، إلهة الحظ والخصب عند الإغريق، كانت تمثل جوهر التقلبات التي تحكم مصير الإنسان، رمزاً للحظ والطبيعة البشرية التي تنحني أمام رياح القدر، ولكنها في الوقت ذاته تعكس مرونة لا متناهية، كما لو أنها ماء ينساب في الأوعية المختلفة، يأخذ شكلها دون أن يفقد جوهره. ومع ذلك، عندما تتحول من الهدوء إلى الهيجان، تصبح قوة […]

يناير
20
تعزيز الحالة الاجتماعية للشباب عبر برامج التوعية والتثقيف

● تعزيز الحالة الاجتماعية للشباب من خلال برامج توعوية وتثقيفية: تُعتبر برامج التوعية والتثقيف أداة فعّالة لتعزيز الحالة الاجتماعية للشباب في المجتمع. من خلال تقديم محتوى تفاعلي وحواري، يمكن تمكين الشباب من التفاعل مع القضايا الاجتماعية وفهم تأثيرها على حياتهم اليومية. ● أهمية البرامج التوعوية:تساهم هذه البرامج في رفع مستوى الوعي لدى الشباب حول مواضيع […]

يناير
19
الجذور والأغصان: تأملات في منهجية المعرفة

إن محاولة الإحاطة بكل الفنون والعلوم أشبه بالسعي لاحتواء محيط في كفّ اليد؛ فهي مغامرة تحفها استحالة، وتحدّها طبيعة الإنسان وحدود قدراته المعرفية والزمنية. حتى في العلوم الأقرب إلى تخصصك، ستجد نفسك أمام تفاصيل تتشابك، وتفرعات تتباعد، تجعل السيطرة عليها كاملةً ضربًا من المثالية. إدراك هذا العجز ليس مدعاة للإحباط، بل هو وعي جوهري سيقودك […]

يناير
18
التفكك الأسري

يعتبر الطفل أكبر ضحية في انفصال الوالدين، لا يعرف إلى أي جهة يميل، تائها بينهما، كأنه في بئر عميق يمد يده لكي يساعده أحد ويخرجه من هذا البئر العميق، وكأنه في صورة مع والديه يمسك والده يده اليمنى وتمسك والدته يده اليسرى كل يشده على اتجاه، إن اختار الوالد ومهما وفر له الإمكانيات اللازمة من […]

يناير
16
القضية المركزية

إن استطاعوا النوم ليلاً مع تنفسِ كل صباح، يستيقظون من أحلامِهم إلى واقعهِم بعد أن أدركوا حقاًّ أن هذا هو الواقع وليس ذلك الحلم الذي يراودهم من حين لآخر، ذلك الحلم الذي لطالما أدخل السرور في نفوسِهم. الواحد منهم ينهض من على فراشه بخُطاً متثاقلة، يُلقي نظرةً حوله فإذا هو داخل خيمة أو ربما في […]

يناير
15
البحث عن الذات

(للوصول إلى الذات لا بد من التخلي عن الذات) هذا المصطلح الغامض والجملة العميقة يلخصان لنا قضية الذات. فهي عبارة روحية يدرسها السادة الصوفية رضي الله عنهم دراسة عميقة، تطويرية ثم تجريبية. الإنسان عندما يولد يأتي بشكله الأصفى وهيكله الأسنى جسميًا وروحيًا، فهو كاللبن الصافي من شدة النقاء والصفاء. لكنه يأتي في مجتمع معين، وفي […]

يناير
14
غراس الروح لا يحركه مفاتن الجسد

ما هو غراس في الروح لا تحركه مفاتن الجسد، بل هو بذرة تنمو في أعماق الكيان، حيث يتحد العقل والقلب في انسجام تام. إنه ذاك الارتقاء الذي يربط الإنسان بما هو أبعد من الحواس، بما هو أبعد من اللحظة الآنية، ليصل إلى مركز المعنى حيث الحقيقة تكمن. فلسفة الماندالا:في فلسفة الماندالا، الروح هي الدائرة المقدسة […]

يناير
09
غاليتي

أيَا حبة القلب، إنّكِ لَغاليةٌ نفيسة، لا يليق بكِ أن تمنحي قلبكِ لمن هبّ ودبّ، فلا تكوني كمن يبعثر اللؤلؤ في الطرقات؛ إنّ المشاعر أمانة، فلا تُلقي بها لكل عابر سبيل، ولا تُسلمي زمام قلبكِ لكل من أتى، فإذا لامسَ لطفُ الكلماتِ مسامعكِ، وتمتمتِ المشاعرُ في خفقاتِ قلبكِ، فلا تستسلمي وتظني أنّه محبوبُ القلبِ المنشود. […]




إن محاولة الإحاطة بكل الفنون والعلوم أشبه بالسعي لاحتواء محيط في كفّ اليد؛ فهي مغامرة تحفها استحالة، وتحدّها طبيعة الإنسان وحدود قدراته المعرفية والزمنية.

حتى في العلوم الأقرب إلى تخصصك، ستجد نفسك أمام تفاصيل تتشابك، وتفرعات تتباعد، تجعل السيطرة عليها كاملةً ضربًا من المثالية. إدراك هذا العجز ليس مدعاة للإحباط، بل هو وعي جوهري سيقودك إلى منهج أعمق وأدق: منهج فهم الأسس ورصد النشأة، كما تحدثنا عنه أستاذنا الشيخ عبدالله الشهري. هذا المنهج سيقودك لاكتشاف شبكة العلاقات التي تربط بين هذه العلوم وأخواتها.

على سبيل المثال، نظرية التطور التي قدمها داروين في كتابه أصل الأنواع لم تنشأ فجأة، بل جاءت نتيجة تراكم معرفي طويل. قبل داروين، كان لامارك قد تحدث عن تحول الكائنات، وقدم علماء الجيولوجيا مثل تشارلز لايل رؤى مهمة حول تغير طبقات الأرض عبر الزمن. فهم هذا السياق التاريخي يجعل النظرية ليست مجرد فكرة منعزلة، بل ثمرة شبكة معرفية متشابكة، تتجلى فيها أصول الأفكار ومواطن استمدادها.

وحين تستوعب السياقات التاريخية للأفكار وتدرك تطورها عبر الزمن، تصبح على دراية ليست فقط بالعلم ذاته، بل بأصوله ومآلاته ومجالات إمداده.

هذا المسلك يرفع ملكاتك العقلية والمعرفية، ويهذب أدواتك النقدية، بحيث تُصبح قادرًا على التمييز بين العمق السحيق والزيف السطحي.

إن إدراكك لتاريخ المفاهيم ولأنماط الاتصال بينها يختصر عليك دهاليز التيه، ويوفر لك خارطة واضحة تُعينك في تمييز العلماء الحقيقيين عن أدعياء المعرفة، وتُرشّد خياراتك بين الكتب والأبحاث، فتختار الأصيل منها، وتتجنب طوفان الزيف الذي يجتاح الأفق المعرفي في عصرنا.

رحلة المعرفة في جوهرها يا جُمعة  ليست في امتلاكك لكل الإجابات، بل في صياغة أسئلة أعمق، وفهم الجذور التي تُغذي الأغصان.

وحين تلامس جذور الأفكار، تتغير علاقتك بالعلم؛ فتصبح طالبًا للحكمة، لا مجرّد جامعٍ للمعلومات.

بهذا السعي، تتحول من مستهلكٍ للمعرفة إلى خالق لها، ومن متلقٍّ سلبي إلى مشارك فاعل في نسيجها المتجدّد.

بقلم/ الربيع إسماعيل

By khalid

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *