يناير
30
رقصة العزاء والتمرد، بين منجد باخوس ومكسيم غوركي والآن دو بوتن

بقلم/ ابتهال أزهري (على الدموع أن تغسل الأرواح لا أن تغرق فيها) حين تتكاثف الغيوم في قلب الإنسان، يكون الألم صامتًا في البداية، متربصًا بين ثنايا الروح كضوء خافت لا يكاد يُرى. لكنه يتغلغل، يثقل الصدر، ثم ينفجر في هيئة دموع. هذه الدموع، كما أدركتها الأم، لم تكن مجرد ماء مالح يسيل، بل كانت شهادةً […]

يناير
29
نهضة الأمة

إذا أردنا أن ينهض مجتمعنا ويحقق التقدم، فعلينا أن نركز على ثلاث ركائز أساسية: الأسرة، المدرسة، والمنهج. هذه الركائز تمثل أساس النهضة والتطور. أولاً: الأسرة تلعب الأسرة دورًا محوريًا في تعزيز القيم الأخلاقية وتنشئة الأجيال على الثقافة والمعرفة. على الأسرة أن توفر لأبنائها الكتب المقررة وكتبًا إضافية تغني عقولهم، ليصبحوا مثقفين وقادرين على التفكير بشكل […]

يناير
20
النفس والماء رؤى فلسفية

فورتونا، إلهة الحظ والخصب عند الإغريق، كانت تمثل جوهر التقلبات التي تحكم مصير الإنسان، رمزاً للحظ والطبيعة البشرية التي تنحني أمام رياح القدر، ولكنها في الوقت ذاته تعكس مرونة لا متناهية، كما لو أنها ماء ينساب في الأوعية المختلفة، يأخذ شكلها دون أن يفقد جوهره. ومع ذلك، عندما تتحول من الهدوء إلى الهيجان، تصبح قوة […]

يناير
20
تعزيز الحالة الاجتماعية للشباب عبر برامج التوعية والتثقيف

● تعزيز الحالة الاجتماعية للشباب من خلال برامج توعوية وتثقيفية: تُعتبر برامج التوعية والتثقيف أداة فعّالة لتعزيز الحالة الاجتماعية للشباب في المجتمع. من خلال تقديم محتوى تفاعلي وحواري، يمكن تمكين الشباب من التفاعل مع القضايا الاجتماعية وفهم تأثيرها على حياتهم اليومية. ● أهمية البرامج التوعوية:تساهم هذه البرامج في رفع مستوى الوعي لدى الشباب حول مواضيع […]

يناير
19
الجذور والأغصان: تأملات في منهجية المعرفة

إن محاولة الإحاطة بكل الفنون والعلوم أشبه بالسعي لاحتواء محيط في كفّ اليد؛ فهي مغامرة تحفها استحالة، وتحدّها طبيعة الإنسان وحدود قدراته المعرفية والزمنية. حتى في العلوم الأقرب إلى تخصصك، ستجد نفسك أمام تفاصيل تتشابك، وتفرعات تتباعد، تجعل السيطرة عليها كاملةً ضربًا من المثالية. إدراك هذا العجز ليس مدعاة للإحباط، بل هو وعي جوهري سيقودك […]

يناير
18
التفكك الأسري

يعتبر الطفل أكبر ضحية في انفصال الوالدين، لا يعرف إلى أي جهة يميل، تائها بينهما، كأنه في بئر عميق يمد يده لكي يساعده أحد ويخرجه من هذا البئر العميق، وكأنه في صورة مع والديه يمسك والده يده اليمنى وتمسك والدته يده اليسرى كل يشده على اتجاه، إن اختار الوالد ومهما وفر له الإمكانيات اللازمة من […]

يناير
16
القضية المركزية

إن استطاعوا النوم ليلاً مع تنفسِ كل صباح، يستيقظون من أحلامِهم إلى واقعهِم بعد أن أدركوا حقاًّ أن هذا هو الواقع وليس ذلك الحلم الذي يراودهم من حين لآخر، ذلك الحلم الذي لطالما أدخل السرور في نفوسِهم. الواحد منهم ينهض من على فراشه بخُطاً متثاقلة، يُلقي نظرةً حوله فإذا هو داخل خيمة أو ربما في […]

يناير
15
البحث عن الذات

(للوصول إلى الذات لا بد من التخلي عن الذات) هذا المصطلح الغامض والجملة العميقة يلخصان لنا قضية الذات. فهي عبارة روحية يدرسها السادة الصوفية رضي الله عنهم دراسة عميقة، تطويرية ثم تجريبية. الإنسان عندما يولد يأتي بشكله الأصفى وهيكله الأسنى جسميًا وروحيًا، فهو كاللبن الصافي من شدة النقاء والصفاء. لكنه يأتي في مجتمع معين، وفي […]

بقلم/ ابتهال أزهري

(على الدموع أن تغسل الأرواح لا أن تغرق فيها)

حين تتكاثف الغيوم في قلب الإنسان، يكون الألم صامتًا في البداية، متربصًا بين ثنايا الروح كضوء خافت لا يكاد يُرى.
لكنه يتغلغل، يثقل الصدر، ثم ينفجر في هيئة دموع.
هذه الدموع، كما أدركتها الأم، لم تكن مجرد ماء مالح يسيل، بل كانت شهادةً على أنها ما زالت حية، وأن قلبها رغم انكساراته ما زال يعرف طريقه نحو النبض.

كانت تجلس على حافة الليل، تراقب ابنها الذي يمضي نحو المجهول، نحو المصير الذي يختبئ في الأزقة الضيقة للمدينة، حيث العيون تترصد، والأقدام تركض، والأفكار تتلاقح في العتمة.
كان الشقاء يحفر وجوه العمال كما تحفر الرياح أخاديدها في الصحراء، لكن خلف هذا الشقاء كان هناك بريق صغير، يشبه نغمة منفردة في مقطوعة بيتهوفن، نغمة تكاد تضيع وسط الضجيج لكنها تصر على البقاء.

منجد باخوس، في “رماد الآلهة”، كان سيقول إن الأحلام تنبت حتى في أكثر الترب قسوة، وإن البشر، مهما اشتد عليهم الظلم، يبتكرون طرقهم السرية للبقاء.
وهكذا، كانت الأم تعرف أن ابنها لن يكون مجرد جسدٍ يتنقل بين المصانع، بل فكرة، فكرة لا يمكن سحقها كما لا يمكن سحق الموسيقى، لأن النغم الحقيقي يبقى يتردد في الهواء حتى بعد توقف العزف.

أما الآن دو بوتن، في “عزاءات الفلسفة”، فربما كان سيهمس لها بأن الألم ليس عدوًا، بل معلمًا، وأن في الدموع حكمة لا يراها إلا من مر بالتجربة.
كان سيقول لها إن سقراط واجه موته بابتسامة، وإن نيتشه رأى في المعاناة بابًا نحو القوة، وإن الإنسان، حتى في أضعف لحظاته، يمتلك قدرة سحرية على تحويل وجعه إلى معنى.

وهكذا، أدركت الأم أن العزاء الحقيقي ليس في الهروب من الدموع، بل في تعلم الرقص معها، وأن الطهارة ليست في الخضوع، بل في التمرد، وأن الحياة ليست إلا سيمفونية طويلة، بعض مقاطعها حادة، مؤلمة، لكنها تنتهي دائمًا بنغمة عالية، واضحة، خالدة.

By khalid

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *