خالد بن علي- كاتب وإعلامي
تشاد
يبدأ الفرد المثقف رحلته في الحياة متجولا في عالم الأفكار والرؤى، يرتدي الكثير من الألوان ويتقلب في الآراء، لا يلبث أن يخوض جولة حتى يستبدلها بأخرى، تكاد سفينته تبحر في كل المحيطات مما يرهق محركاتها وقبطانها.
في مرحلة النضج الفكري التي يجب أن يصارع المثفف لبلوغها، يحدد فيها ملامح المشروع وتستقر أركانه ويتفرغ لها، متخلصا من كل الشوائب والملهيات، موجها كل الأنظار نحو غاية واضحة المعالم والأطر، ويتناسق فيها خبرة الشخص مع ميوله واتجاهاته وايدلوجيته، مشروع يقتنع به قناعة تامة، ومستعد للبذل والتضحية من أجله، وإن سألته عن حياته يعرفك عن مشروعه.
مشروع الحياة ليس مقارا ومكاتب وجماعة وجمعية، قد يكون المشروع مسيرة نظرية تتمثل في مقالات أو اطلاع أو محاضرات تلقى أو نادي أسبوعي، وقد يكون تطبيقيا كممارسة سياسية أو نشاط اجتماعي تنموي أو علمي وغير ذلك.
المثقف هو المؤثر صاحب الصوت والرأي، الذي تعيش سيرته لأكثر من حقبة، فلا ينبغي أن يعيش الإنسان على وجه العموم والمثقف بالأخص حياته بلا مشروع وبلا أطر محددة، مترددا في خطواته وقرارته، كما يقول الشاعر: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة * فإن فساد الرأي أن تترددا.
إن الإنسان بالتردد والتقلب يفقد بوصلته فلا يستقر له أمر إلا وتركه متجها لغيره.
يسأل الإنسان عن عمره فيما أفناه، فهل أعددت لهذا السؤال إجابة تقنع بها نفسك أولا؟
هذا ما نعنيه بمشروع الحياة، هو العمل الذي يخدمك وأمتك وإن فارقت الحياة، وهو العمل الذي تكون به راضيا عن حياتك.