سعدية محمد حسن_ كاتبة
تشاد
وضعت القابلة جهاز الفحص جانبا ، وسعت لتبديد قلق انتظار المرأة التي بدت غارقة في همها ، وقالت : أي نتيجة تريدين ، ما هي رغبتك أنت ؟ جفلت المرأة ؛ إنها لا تعرف ماذا يجب أن تريد وهي على هذه الحالة ، لا أدري ، أجابت بحزن ، لا تدرين ، كيف ذلك ؟ ..
عندما يكون المرء في حالة غليان ؛ يبوح بما لا ينبغي ، لمن لا ينبغي : زوجي غاضب مني ، ولا أستبعد أن يطلقني ، لهذا ؛ أنا لا أعرف بم ينبغي أن أرغب .
نتيجة الفحص خرجت إيجابية ، المرأة حامل ، عدّلت القابلة من جلستها ، واستعدت لتلعب دور المرشدة النفسية ، كما تفعل عادة مع مريضاتها عندما يكنّ بحاجة للفضفضة ، وسألت : ولماذا زوجك غاضب منك ؟ غاضب لأنه اكتشف أشياء عني مع طليقي . تعلّمت القابلة مع مرور الوقت أن تكتفي بالاصغاء فقط ، دون أن تطلق أحكام ، أو تسدي نصائح ، أو تعاتب وتلوم ، لأن البشر بحاجة لمن يسمعهم أكثر ممن ينصحهم، واصلت المرأة حديثها : كنتُ أحب طليقي ، وكان هو كذلك ، يعشقني ، وعلاقتنا كانت مليئة بالحرارة والبهجة والحنان ، كانت علاقة جميلة جدا ، لكنها كانت أيضا مليئة بسوء الفهم والألم والشجار والإنفصال ، طلقني ثلاث مرات ، ولم نتحمّل فكرة انفصالنا الأبدي إطلاقا ، فاتفقنا على أن أتزوج أول رجل يرغب بي ، وأنفصل عنه بعدها ، لأعود إليه .
صمتت المرأة ، حاولت أن تستقرئ ملامح القابلة علها تظهر لها شيئا عن رأيها حول ما سمعت دون أن تفلح ، ظلت القابلة على ذات الحالة ، هادئة ، متأهبة للاستماع ، فتشجعت، واستمرت في سرد قصتها : تزوجت زوجي الحالي بعد انتهاء عدة الطلاق ، لم أدقق فيه كثيرا ، لم أك متطلبة، كنت فقط بحاجة لعقده الذي يكسر قفل الحرام عن علاقتي مع الرجل الذي أحب، في بداية ارتباطنا؛ كنتُ أفكر في أكثر السبل لطفا للطلاق منه ، وبينما أنا أبحث عن وسائل تحررني منه ، تعرفتُ عليه ، واكتشفتُ خصاله الحميدة ، وأخلاقه الرفيعة ، وتواضعه، وسلوكه الراقي ، ومن خلال علاقتي به ، فهمتُ لماذا علاقتي السابقة كانت تفشلُ دائما ؛ كنّا شابان في ذات العمر معتدّين بأنفسهما، كان طليقي شابا وسيما ذكيا وثريا ، وفي منطقة ما من اللاوعي، كان يستكثرُ نفسه علي ، وأنا ، كنتُ في المقابل ؛ امرأة تتفجر أنوثة وذكاء ؛ امرأة تدركُ أنها مرغوبة ومشتهاة ، مغرورة ، نادرا ما تتنازل ، ببساطة ؛ كان كلانا يرى نفسه فقط حين نكون معا ، ونصاب بالهلع والذعر حين نفترق . أما زوجي الحالي ؛ فظل يراني حتى رأيته ؛ رأيت الأمان والاستقرار والعطاء ، رأيت معه متعة المنح ، وقيمة التواضع، فآثرته على طليقي ، وظللت معه . لكن طليقي لم يتقبل الأمر ، وفعل ما بوسعه ليوصل لزوجي سبب ارتباطي الأساسي معه . علم زوجي بالأمر ، أتى واستفسرني، أخبرته بكل الحقائق ، أخبرته أنني أريده هو الآن ، ومذاك وهو صامت ، يأتي البيت ويغادره دون أن يفوه بكلمة ، وأنا أنتظر قراره .
حسب صفات زوجك ؛ أنا أضمن لك أنه سيتفهمك ، ويغفر لك ، قالت القابلة تُطمئنُ محدّثتها ، ثم أضافت : أبشركِ ، أنت حامل ..