خالد بن علي- كاتب وإعلامي
#تشاد
للتغيير أنواع وأساليب، وأهمها تغيير الوعي الجمعي وإحداث ثورة في عقلية الشعب من حيث طريقة التفكير والاهتمامات والبيداغوجيا ومعايير الفضيلة والرذيلة.
وما أحوج المجتمعات البدائية إلى هذا النوع من التغيير، فبدلا من السعي دائما للانتقام من ظالم واستقبال ظالم آخر ظاهره الكلام المعسول وباطنه الجحيم المسعور، نبدأ في الانتقام من المفاهيم الخاطئة في المجتمع، والثورة ضد الجهل والخرافة والتعصب.
إلى متى تبقى الجماهير غافلة تتبع الخطابات الرنانة، التي تمارس بعدها أنواع السحق والطحن والإذلال؟
إنها القاعدة العريضة التي يجب إصلاحها كي لا يخرج منها إعلامي مطبل أو شيخ منافق أو حاكم ظالم.
تتغير القاعدة العريضة بالمدارس المنتظمة التي تعلم أن الناس سواسية وتخرج لنا تلاميذ متفوقين، وبالخطاب الديني الوسطي الذي ينصح العامة وولاة الأمر، بالبيت الذي يعرف أفراده أدواره، بالمنظمات والهيئات التي تدرك الأولويات ولا تتشدق بقضايا باردة.
تغيير القاعدة لا يتم إلا بوجود ثورة فكرية اجتماعية يشارك فيها النخب الواعية والمجتمع المدني ونشطاء التواصل الاجتماعي، والتنظير الراشد الذي يحرك الأفراد والمؤسسات نحو تغيير السلوك والتفكير.
عن النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ رضي اللَّه عنهما، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: (مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا).
رواهُ البخاري.
وهنا يقع على عاتق المثقفين دور كبير في نقل مقروئهم وحصاد مطالعتهم إلى الواقع، وذلك بعد دراسة متفحصة لما في الصفحات وما في الأرض.
وما أحوج المجتمعات إلى نبذ التملق والنفاق الاجتماعي الذي يصنع الطغاة والمتعجرفين والمتألهين، إلى متى والمنابر تغفل عن التعايش السلمي والعدالة والتكاتف الاجتماعي، وتنادي بتقديس الحكام وعدم مناصحتهم.