سعيد أبكر أحمد- كاتب
#قطر
كتب أحد فقهاء الدستور كتاباً لطيفاً سماه ( دساتير من ورق ) ينتقد في كتابه فلسفة الدستور في دول العالم الثالث، لا بأس أن أستعير ذات اللفظ وأطابقه على الحالة التشادية الراهنة بعنوان( وزارت من ورق ) دولة بها ٤٠ وزيراً وميزانيتها تعتمد على الديون الخارجية والمساعدات الدولية.
تقليد الدول الفرنكفونية لفرنسا في المصطلحات الرسمية وتسمية الوزارات فاق مرحلة الجنون، قبل أسابيع تم إدراج وزارة جديدة في تشاد تُعنى بتعزيز النوع والأسرة، ما معنى تعزيز النوع = نقل الثقافة الفرنسية في مسألة قوانين الأسرة دون مراعاة خصوصية المجتمع الذي يرفض الأفكار المستوردة
وزارة التعليم العالي والابتكار
نتفق جميعاً في مصطلح وزارة التعليم العالي لكننا نختلف كثيراً في شق (الابتكار) ومن الواضح أن التسمية قادمة من باريس فالابتكار يحتاج إلى بيئة جيدة تشجع على البحث العلمي ودولنا الإفريقية عاجزة عن توفير الطعام والغذاء ناهيك عن بيئة أساسية تدعم العلماء والباحثين للابتكار.
فك العزلة
ولأنَّ تشاد دولة حبيسة فقد ابتكر الخواجة مصطلح ( فك العزلة ) وهو مصطلح غير دقيق أي عزلة تلك التي يمكن فتحها دون مقومات أساسية، أنتم من فرض علينا هذه العزلة من خلال تقسيمكم السيء لقارة إفريقيا ومازلنا نعاني حتى اليوم من أزمات صنعها الرجل الأبيض بخلقه لحدود هشة لا تراعي التركيب السكاني والموارد الطبيعة لقد منعتم أيها الفرنسيون المشاريع التي تدعم فك العزلة والتاريخ معي كشاهد عيان أتذكرون عام ١٩٢٣ عندما أردنا بناء سكة حديدية مع الكاميرون لكي ننعم بإطلالة على المحيط الأطلسي وأخذتم ثمن المشروع من منتجاتنا الزراعية والحيوانية وطعنتمونا في الظهر.
الاقتصاد الرقمي
يعتبر من المصطلحات المستوردة من باريس ( وزارة الاقتصاد الرقمي ) أعترف كمواطن تشادي أنَّ مصطلح الاقتصاد الرقمي يفوق طموحاتي وآمالي ولكي أكون صادقاً فإن الدول الإفريقية التي تدعي أنَّ بها اقتصاداً رقمياً لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، عندما تتحدث عن الاقتصاد الرقمي تعني أن أمازون وعلي بابا وكبار الشركات تتهاتف إلى سوقك الذي يفيض بالحيوية، وأن أشتة تشتري مساحيق التجميل بالمصاريف التي تقتطعها من زوجها الخمسيني عبر الاونلاين دون الحاجة لأن تركب المواصلات وتنزل في سوق العافية أو تنادي يعقوب الكلاندومان ليقلها إلى سوق دمبي.
الاقتصاد الرقمي ليس كلاماً إنشاءياً يُدرج بجانب وزارة التكنولوجيا يبدو أنَّ الذي وضع مصطلح الاقتصاد الرقمي مع التكنولوجيا قد أثقل في الشراب .
وزير التحول الزراعي
هذا أيضاً مصطلح ضبابي يقودك إلى نتيجة دون معرفة مقدماتها، تريد الحكومة أن تقنعك بأنَّ اعتمادنا على النفط الذي لم نستفد منه شيئاً سيجعلنا نتحول إلى الزراعة لا يغرك توهج التسمية، التحول الزراعي يكون ضمن مشاريع طويلة الأمد والتي تتبناها الدولة قرأتُ بالأمس تحقيقا للأخ الحبيب محمد جدي حسن وخرجتُ بعد قراءتي للتحقيق بخلاصة مفادها أن الزراعة في تشاد وبسبب عوامل المناخ وظروف العيش القاسية تعيش مرحلة الاحتضار، في الدول المتحضرة يكون المزارع من سادة البشر لأنه يحقق للدولة أمنها الغذائي
حامي الأختام
هذا المصطلح لم أفهمه إطلاقاً مع أنني سمعته كثيراً لأنه مستورد بالطبع ولا يعبر عن واقع وظيفي ويحمل صفة مهنية أكثر من كونه تسمية وزارية، أعتقد أن هذا المصطلح وصلنا قديماً مع بداية الاستقلال ونصر على استخدامه مع أنني أرى إطلاقاً لا داعي لذكر هذه الجملة، وهل للعدل موطأ قدم في وطني حتى يكون هناك حامٍ له.
ثمة عربفون يعتقدون أن حامي الأختام يحمل الأختام معه في شنطته حتى لا يسرقها اللصوص.
وزارة الآفاق الاقتصادية
ليس أفقاً واحداً وإنما آفاق اقتصادية شعرتُ عندما سمعتُ المصطلح بأنَّنا نتحدث عن الصين واقتصادها العظيم وآفاقها الرحبة أو أننا نتحدث عن الهند وغزوها للاقتصاد العالمي
ثم إنني وجدت فراغا عميقاً بين الوصف والموصوف.
ما هو عماد الاقتصاد الوطني حتى نقول جملة الآفاق الاقتصادية؟
نحن باختصار.. دولة تنتظر حصة البترول من الدول المرابية والبنك الدولي وسماسرة النفط وبعدما يشبعو حتى التخمة يرمو لنا الفتات لذلك رجاء خففوا من حدة المصطلحات الثقيلة.
الإرصاد الوطني
جملة إنشاءية فارغة من المعنى هناك ألف إرصاد وطني أنتم تتكلمون عن الطيران فلا بد أن يكون الإرصاد جوياً حتى يتناسب المعنى مع الوصف، وزارة الطيران المدني والإرصاد الجوي مع أنَّ الإرصاد عادة ما يكون إدارة داخل الوزارة ومن المفترض أن يكون المختصص على علم بذلك فالإرصاد الوطني وحده لا يفي بالغرض.
وزارة الصحة والوقاية
الوقاية من ماذا؟ اكملوا الجملة …. الوقاية من الشمس أم من الجوع
وهذه أيضا تدل على قصور في التسمية ( الصحة الوقائية) ثمثل إدارة كبيرة داخل الوزارة فمن المفترض ألا تكون هناك فلسفة في التسمية أرى أن (وزارة الصحة العامة) تفي بالغرض لكنهم يريدون تمطيط الأسماء وزيادة الحبر وإلا الأمر لا يستحق كل هذا الغلو اللفظي.
المسميات كثيرة ….