أبكر صالح- طالب جامعي
#مصر
على وتر الضياع، نغمة يعزف بها غيري خلسة، وإذا به يواصل في العزف، و يساير بالعزف ما كان وما لم يكن، إذ يمتد أثرها عميقا نحو الوجود والعدم، تلك نغمة تلامس نخوة المعتصم بحبل البئر، عسى أن يقع فيه ويموت غرقاً، وعسى أن يخرج منه ويموت ظمأ.
لم يعد السلام شعارا تدندن به الأصوات، و تدغدغ به المشاعر.
و لم يكن العدل مئذنة نقيس به المعطيات، لا يحلم أحدنا بالتساوي مع صاحب الجلالة، الذي اتخذ من نصيب النهب موروثاً تقليديا له، و على أعتاب التشرد يسود البلاد الصمت المنتشي بعد رثاء الزمن على حلم و أحلام لم تعد، أنا وغيري نجولُ في متاهات التيه، إلا الذين يسعون وراء المجهول إلْحافاً.
– هذه الجمهورية لم تتسع لنا يا صديقي.!
– وكيف عرفت ذلك؟
نحن من نجري من قدم إلى قدم منذ زوال الشمس، وتسكن حركتنا البطيئة التي امتدت من ظروف و صروف، معية الليل الهادئة على عتبة الظلام، و نعيد الكرة بعد أن نسكب الكثير من الهموم، و الكثير من الغُموم التي لاحت في الأفق أم لم تلوح.
نحن مقطع النسيان، نحن الشطر المنسي، نحن المعاناة، و تبا لأمل مزق جفوننا، و أتعب عقولنا.
هذه الجمهورية غير العادلة تجْثو على أعْتَابِها مقاييس، كثيرا ما تبدو مبهمة، و تبدو مفهمة، وتبدو مفعمة، تنعكس تلك التي غنى بها أفلاطون، إن كانت تلك مدينة فاضلة يا أفلاطون!
فهذه مدينة ماجنة فاسدة.
كي تعيش في هذه الجمهورية ذاتها، توقف عن لعبك دور المخلص، توقف كونك إنسان بسيط يعيش على أرض البساطة، توقف عن التوهم ، طبعا ليس ذلك معنى لتجردك من عالم الإنسانية، بل ذلك قانونا تراجيديا من الأقوياء على الضعفاء.
في جمهورية الزيف، و القوة العمياء، يعود السارق ليسرق ألف مرة من موضع إلى سواه، و الدنيئ ينغمس من كرامة المواطنين أسمى سمات القيم لانْتهاكها.
وبعده يأتي ليخاطب ك الأصمعي، و يشاطر الجموع كأنه رسول السلام، و يتغنى بالعدل والمساواة، وهو مصدر الخراب والانحطاط.
كل ذلك مؤامرة ضد شعب يعيش الحياة على بساطتها.
عذرا : ليست القوة هنا تلعب دورا، و إنما الضعف يسود الضعيف، و يعكس صور الحقائق مُعلِناً، لا مكانة للسلام، لا مكانة للحرية بعد تكميم الأفواه، ولا ولوج للوعي بعد الصمود عن الفساد، وقتل النفوس،و سجن الأبرياء، وانتهاك الحقوق، لا مكانة للكرامة هنا، كن شرساً، كن شجاعاً، كن بطلاً، لتعيش كريما.
إنما الأقوياء أقوياء بحياةٍ عاشوها، لا بأمنيات تمنّوها..!