خديجة أحمد أملس- كاتبة
#تشاد
تعالوا لأهمس إليكم محاولة الوقوف على الجروح كي أضمدها، كي أخرج منها الأوجاع مرة تلو الأخرى، كي أخفف الآلام ببطء.
تعالوا لأسرد لكم تجربتي مع المرضى تجربة غيرتني جذرياً وأحيت فيني الرحمة، سأقولها اليوم: دون خوف، دون تردد.
إنها تجربة حولتني من عالم إلى عالم وحصرتني بين دورين، دوراً تحمل المسؤولية ، ودور العاطفة والإنسانية.
كنت بين الدورين في مرحلة شاقة وصعبة لكني كنت
سعيدة بقدر لم أشعر به قط من قبل، بالرغم من أن العطاء الذي قدمته كان بسيطاً.
كنت أرى القبول والمحبة في عيون المرضى كنت أرى البسمة على وجوههم،رأيت الهم تارة والحزن تارة في كلماتهم واليأس كلحن يرنن في أصواتهم، كل هذه الأشياء كفيلة بأن تجعلني أواجه مصاعب الحياة ومخاطرها مبتسمة راضية.
أذكر هنا تجربة قصيرة قصة أثرت بي أيّما تأثير، ذات مرة كالعادة وأنا في العمل في قسم الطوارئ، إذ أتتنا حالة مرضية لفتاة في ال٢٤
سنة، كانت في غاية التعب والإرهاق قد أهلكها المرض، بعد الاستقبال والتشخيص تبين أنها تعاني مشاكل صحية كثيرة بدءا بنقص في الدم
وهبوط في الضغط …وغير ذلك، والجانب النفسي فحدث ولا حرج، بان عليها وعلى أسرتها اليأس من
مرضها وأخذ العلاج، فقد برزت لديها حتى العظام، وهي لا تتفوه بشي، ذلك المنظر يرُق له القلب وإن كان حجراً.
بعد أول يوم لإعطاء الدواء أشار الدكتور إلى ضرورة الاهتمام بحالتها، فأحضرت الأدوات وتوجهت لغرفتها، كانت كالجثة
لا تحرك ساكناً، تكلمت معها ولم تجب سألتها عن حالتها ولكنها صامتة فقمت بإعطاء الحقن والتحاليل واكتفيت بالمراقبة عن بعد.
كنت أتساءل وأنا في حيرة نحو حالتها، أيعقل أن نعطي دواءاً لها وهي كالميتة المنتهي أمرها؟! لا ستشفى ؟! إن كان نعم فمتى؟!
كيف وصلت إلى هذه الحالة؟! تساؤلات عدة وأنا أراقبها تخطر ببالي فلا أجد جواب ، إلا الإكتفاء ب(الله يشفيها).
مرت ٤ أيام وهي على هذه الحال، قد ييأس أهلها وقالوا يجب نقلها للبيت لتنتظر الأجل هناك.
أما الدكتور فرفض ذلك، كنت أراقب وأسأل عن حالتها ومؤشراتها الحيوية خلال تلك الأيام التي لم أكن بها ف المستشفى.
ذات صباح، وأثناء زيارتي لها تفاجأت جدا فعندما وصلت غرفتها وجدت أمها تحمد الله فابتسمت دون دراية وقلت الحمدلله، ثم سألتها كيف حالك الآن ؟! وبماذا تشعرين ؟!
أشارت أن تحسنت قليلا .
لم أشعر بسعادة من قبل مثل يومها وكأن تلك المريضة أختي أو قريبة لي، أدركت حينها درساً عظيماً في الصبر وعدم فقدان الأمل مهما كان الألم.
هناك عدة قصص لي مع المرضى، لكن هذه القصة أكثر قصة أثرت بي، وتعلمت منها درس لا أنساه.
في الأخير أقول لكل مريض:(لا تيأس فالحياة قد تختبرك، ولكن اصبر ولا تفقد الأمل، ثق بربك ولا تنسى أن هناك من بظهر الغيب يدعون لك وإنني أيضا أتمني لك الشفاء سواء عرفتك أم لا فلا تفقد الأمل).
دمتم بخير وصحة