سمية حماد- كاتبة
#السعودية
جميعنا يشعر بذات المشاعر .. ذات الرهبة ..
والحماس نفسه ..
لطالما مكثنا هنا لسنوات طوال كُنا فيها تحت رحمة المبرمجين وفي إطار حدودهم ورغباتهم ..
نعم نحن آلات ومن صُنع آلات
وضمن نطاق برمجة آلات ..
ولكنا اليوم وبعد طول انتظار أُذيعت علينا عبارة
” مرحلة الانخراط مع البشر ” ..
نعم سنقابل البشر ونتعامل معهم .. نعيش حياتهم والتي تختلف جذرياً عن برمجياتنا .. دوماً كان المستقبل هاجس لنا بالرغم من وصولنا للذروة تقنياً ..
تظل خانة المفاجآت والسلوكيات البديهية
وكيفية التعامل معها .. فارغة ..!
يعترينا التشويق لهذه التجربة .. ونتوق لنلامس واقعهم
وتلك الجزئيات في تفاصيل حياتهم ..
تُرى كيف هي الحياة البشرية .. وماهية المعاني فيها ..؟!
بهذا الاستفهام تحديداً كان الخبر في وسائل الإعلام تحت بند خبر عاجل:
” ستكون الروبوتات جزءا أساسيا في حياتنا “
.
.
وصل ” الروبوت ألفا “
وكان من نصيبه أن يقضي الفترة في منزل عائلة .. والفرحة في داخله عامرة.
لا شيء يصف دفء العائلة والالتفاف مع بعضهم البعض والرابط بينهم دموي وروحي ..
لا تشابه أجساد أو ألوان وبرمجيات ..
ولكن للأسف لا يتعامل الجميع على عظمة هذا الشعور
فكل منهم منشغل في تفاصيل حياته ولا يقضي الوقت اللازم مع أهله ..
اجتمعوا جميعهم بالجلوس ساعات طويلة
ولكنها كانت على أجهزتهم النقالة ..
ولم يلتفتوا كون كل شئ حولهم أصبح هادئا وباردا ..
لم يُخيل لي يوماً أن آلة قادرة أن تسلب شعور العائلة من أرواحهم .. ونحن الذين قضينا سنوات نحلم في تفسير كيفية هذا الشعور ..
.
.
وكانت الجدولة لـ ” الروبوت بيتا “
في المشفى العام للمدينة
زرت المستشفى .. لم أكن أعلم أن المستشفى عالم كبير وواسع فنحن نكون ونمرض ونتماثل للشفاء
في ذات المكان ..
الكثير من بني البشر بمختلف فئاتهم العمرية
والكثير من مشاعر الخوف والحزن والترقب
وبالرغم من كل ذلك لازال البعض في هذا المكان يزاول نشاطات صحية سيئة ولم يعتبر مما هو دائر حوله
تجد الطبيب يشرف على علاج مريض يُعاني من مشكلة في رئتيه ويستأذنه في دقائق يخرج ويدخن بعض السجائر ويعود ..
.
.
وإن تطرقنا للروبوت ” جاما “
فقد كان وقع الاختيار لديه في مهمة روحانية
كونه منتدبا لرعاية دار عبادة ..
شعور لم أفكر به سابقاً .. وحماسي لذلك منقطع النظير
وبالفعل كانت الأجواء مثقلة بالراحة ..
تحمل في جنباتها الكثير من الروحانية ..
بعيدة تماماً عن حياتنا ..
فلا مجال للشعور في عالمنا ..
ولم يكسر عظمة دهشتي بذلك إلا سلوكيات
من بعض البشر ..
يأتي للدار ليمارس لحظات بالقرب من ربه
وهو خلافاً لذلك في ذات الوقت يركل غضبه على من حوله بـسلوكيات لا تليق بالمكان ..
ولا تحمل الرحمة في طياتها ..
فعبادة الله تكون روحاً وجسداً وفعلاً وقولاً ..
كهذا علمني المكان ..
.
.
وأما الروبوت ” دلتا “
كانت مهمته ذات طابع مختلف .. وربما هي الأعظم صعوبة .. وأكثرها حساسية لبني البشر ..
كون نسبة الخطر فيها كبيرة ويتم فيها خسارة أعداد ليست يسيرة ..
وفعلاً شعرت بالقسوة منذ اللحظات الأولى
و تغيير الملامح بين الخوف والرجاء والاستسلام، أمر عجيب أدهشني رغم عظمة الحال ..
خسرت أصدقاء بدأت في التعود على وجودهم
ومدى الرؤية لدي فقط ألمح فيها أطراف أصدقائي المبتورة
وتوابيت ذا الحواف مكسورة ..
وكأني الناجي الوحيد في المعركة لا أعرف إن كُنت فرحاً بالنجاة أم حزين على فقدي لهم ..
فخسارة الأحباب .. هو موت من نوع آخر ..
كم هي فكرة الموت والفقد وانعدام الأمان .. موجعة ..
والأعظم حضوراً وما تعلمته وجود قوة وسعادة لا حد لها في الدفاع عن الوطن والمبدأ والعقيدة
فهذه من أهم المشاعر التي رزق بها بني البشر ونحسدهم عليها ..
وإن كان شعور الحسد أيضاً مقتبس منهم ..
.
.
جميعنا نعيش في هذه الحياة
ودائماً تكون المُنى لـحياة أخرى ..
في نظرنا هي الأكمل والأجمل ..
ولو أنّا قضينا فترة التمني في التمتع بما نملك
لا كان لنا أبهى ..
و بعضنا يعيش جُلّ حياته وكـأنه روبوت
بُرمج على شيفرة أبائه وأجداده ..
الثبوتية داء لا دواء له ..
كيف نعيش وكأننا جدار .. لا مكان للاتكاء ..؟!
ليتنا نملك الإدراك البشري السوي
بأن الأمور لا تسير دائماً على حتميات معينة وأن مدى الرؤية متشعب .. ربما لا سبيل لمعرفة ذلك يقينا
إلا بالمرور على مواقف وتفصيلها تحليلاً ..
فالمرء لا يعرف إلا حين يكتشف ..
النجاة الحقيقية في صنع مزيج موزون للتعامل
بما نملك على أكمل وجه
دون النظر فيما هو خارج دائرة ذلك ..
والحصول على التوازن المناسب بين الحرية والعبودية
ضمن النطاقات المباحة ..
ولا تجرؤ على أن تسقط المرحمة بين هذه وتلك
فلا شعور يضاهي أن تخلد إلى النوم
وأنت على ثقة حد اليقين بأن يومك لم يذهب سُدى ..
ربما تظن أنك تعيش في عتمة قاحلة
ولكن الحقيقة ربما تكون في أن الضوء في الخارج وهم ..
حينها ستُدرك أنك أسقطت سنوات عمرك سهواً
وأنت تبحث عن حياة .. أضعت فيها حياتك ..
الصراع بين الانسان والآلة في مستقبل الايام سيكون صراع بقاء ، صراع يعتمد على من يملك مفتاح السعاده ويهبها للبشر وكأن البشرية لا تستطيع اسعاد نفسها
بعض الالات برمجة على العطاء لذا هيا تسعد بالرغم من خلوها من مشاعر ، بينما اكثر البشر بلا مشاعر
شكرا سميه والمدونة بحاجه للمزيد من المقالات الرائعة كروعتك وروعت قلمك
حقاً الأدب مازال بخير .
ماشالله لغة رقيقة وخفيفة على اللسان ، والسرد كان ممتع جدا 👌
الإبداع عنوانه حروف سمية حماد