ن. م. جبران
منذ اختراعه وإلى اليوم يشكل المذياع وسيلة أساسية للحصول على الخدمات الإعلامية المختلفة، من الأخبار إلى البرامج الحوارية التي تناقش جوانباً مهمة من الحياة، والموسيقى التي تعبتر ركناً أساسياً في البرامج الإذاعية في شتى أنحاء العالم، فالكثير من الفنانين بدأوا مسيرتهم الموسيقية من المحطات الإذاعية والبرامج التعليمية الموجهة لمختلف فئات المجتمع، وكل هذا وأكثر عبر أصوات مقدمي البرامج، وبالرغم من ظهور السنيما والتلفزيون والإنترنت ما زال هناك الكثير من الناس متابعين شغوفين ومخلصين للمذياع، ومنذ إثنا عشر عاماً واليونيسكو تحتفل باليوم العالمي للمذياع، مع المستمعين والعاملين في مجال الإذاعة، من مراسلين وكتاب ومقدمي برامج ومهندسي صوت، لما للمذياع من دور مهم في تاريخ مختلف شعوب العالم، فالمذياع يعتبر الذاكرة الجمعية للأمم المعاصرة؛ لأنه كان حاضراً في أهم اللحظات التاريخية، من انتصارات وإعلان للإستقلال وخطب القادة والساسة، وبث روح الحماسة لدى الشعوب.
ويعتبر المذياع هو المصدر الأول للمعلومات لدى كثير من الناس. ففي تشاد يعتمد معظم أفراد الشعب على المحطات الإذاعية المحلية والعالمية في الحصول على المستجدات حول الأحداث السياسة والرياضية والثقافية، وينحصر البث غالباً في الأخبار، دون وجود برامج تعليمية موجهة لجميع أفراد المجتمع، ومعظم المحطات ما زالت تقليدية في تقديم محتوى البرامج المقتصرة على الشأن السياسي والإجتماعي، في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البودكاست، فالكثير من الإذاعات غير مواكبة للعصر، وتعاني من فقر في البرامج، والمذيع يتحدث للجمهور أكثر مما يتحدث معهم، فلا يوجد أي تفاعل مثمر بين المستمع والمقدم. والتكرار والاجترار هو الطاغي على المشهد، في تناول القضايا والمواضيع، ومعالجتها بشكل سطحي، ومعظم المحطات لا تملك حسابات فعالة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى برامج خاصة تبث على منصات البودكاست، والمدخلات لا تتم عبر الواتس آب أو التليغرام أو البريد الإلكتروني، ما يجعل هناك فجوة بينها وبين الأجيال الشابة من الجماهير، وبسبب غياب المحتوى الإذاعي على شبكات التواصل الاجتماعي.
الإذاعة هي خدمة إعلامية موجهة لجميع فئات المجتمع، وعلى الإذاعة أن تنوع من محتوى البرامج، وتقدم برامج تعليمية وثقافية تهدف إلى تعزيز الثنائية اللغوية، وقيم المواطنة، بالتنسيق ما بين وزارة الإعلام ووزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة، والإرتقاء بالمجتمع، عبر جعل البث الإذاعي جزء من حياة الناس اليومية الاجتماعية والرياضية والثقافية، عن طريق استضافة أشخاص من مختلف أرجاء البلاد، من كل الخلفيات الثقافية والفكرية، وإنتاج المسرحيات والمسلسلات الإذاعية، المقتبسة من الأدب المحلي والعالمي.
ففي البدء كانت الكلمة ومن ثم صوت الأثير.