خالد بن علي- كاتب وإعلامي
#تشاد
الفيسبوك بالنسبة لي مقهى الغلابة ومنبر إصلاحي وحلبة فكرية، ومعهد عالي يتيح لك فرصة الاحتكاك بالقامات العلمية وأصحاب التجارب والخبرات، ومنبر من لا منبر له.
واكبت بدايات الفيسبوك التشادي، حيث كنا نذهب إلى مركز الغد للكمبيوتر أو مركز مايكرو كمبيوتر لنقضي ساعة يتيمة، وكانت الساعة تكفي، نظرا لقلة محتوى الموجود هناك.
في تلك الفترة تضطر لإضافة كل من تصادفه، فلم أكن أتوقع أن يأتي يوم وأصل إلى 5000 صديق، فهذا محال.
صديق! كيف تجرأ الفيسبوك لتسمية القائمة بالأصدقاء، أظن أن مارك لا يدرك معنى الصداقة.
بل كيف صدق الناس أن معارف الفيسبوك أصدقاء، صديق لم يجلس معك على مقاعد الدراسة ولم يسافر معك ولم يصافحك حتى!
بدايات التفسبك شهدت حماس ثوري وطائفي، أفقدتني حسابي الأول، وحظرت من مجموعة رائعة وهي(مجموعة تشادي إلى الأبد ) كم جمعت هذه المجموعة من مبدعين وكتاب وثوريين، تنوع الطرح سبب نجاح هذه المجموعة، قبل أن تفضل الإدارة الإخلال بهذا التنوع والتوجه لمجموعة الرأي الواحد.
هل الفيسبوك عالم افتراضي أم هو الواقع بعينه؟
أعتقد أن الفيسبوك انعكاس للواقع، واقع الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع تفضيل عدم حشر الحياة الخاصة بتفاصيلها من انفعالات وتصفية الحسابات واليوميات الاسنابية، والميمات الثلاث(مسافر، مريض، مرتبط).
الفيسبوك يعج بالمتابعين بصمت الذين يتحاشون حتى زر التفاعل، لهم الحرية في ذلك.
لكن ليست لهم حرية كسر أقلام من يكتبون ويعلقون، بحجة أنها ثرثرة وإضاعة وقت، وهم الذين يقضون أوقاتهم في بورصة نيويورك.
قابعون في بلاد ما وراء الكنال، ويتابعون كل ما نكتب بل ويحفظونه، حتى أنهم يحتفظون ويتدوالون ما كتبناه منذ أمد.
وما أكثر أولئك الذين يظنون كل صيحة عليهم، هو المقصود في حديثك عن سقوط دولة المماليك، وعن تشرنوبل ومزرعة الحيوان.
وأولئك الذين لا يتفاعلون معك أبدا، لكن جرب أن تخطئ، أو يكتشف أحد خطأك تجده يقود رابطة المشجعين والألتراس إلى حيث كبوت.
الفيسبوك هو يوتيوب الغلابة، حيث تشاهد جو حطاب وإبراهيم عادل وتأملات الجزيرة بتكلفة أقل من اليوتيوب، سيأتي أحد الذين ينتقدون الفسبكة ويسأل عن إبراهيم عادل، أقول يا بتاع البورصة ويا محرر القلعة الأخيرة، إبراهيم عادل مقدم كورسات لغة إنجليزية، تابعه لعلك تستفيد وتوسع مدراكك قليلا.
بين الكوميديا والتفاهة:
توجد كتلة فيسبوكية تنادي بتطبيق المحتوى الجاد، ودحر الكوميديا التي يصفونها بالمطلق أنها (تفاهة)، أعتقد أن التفاهة تتمثل في محتوى المظاهر والأضواء والتفاخر بالأنساب، والطرح الساذج الذي يقدمه وللأسف بعض كبار السن وصغار العقل، الذين لاحتقهم المراهقة إلى ما بعد الأربعين.
أما الطرفة فلا بد منها، تخيل أنك تعيش في هذا الطين والظلام دون أن تؤنسك الطرفة، ودون مشاهدة عروض ريال مدريد، ودون الشاي المنعنع، ستصاب بأمراض عديدة، لولا رعاية الله.
هل هناك إدمان للفيسبوك؟
نعم هناك من يدمن تصفح الفيسبوك، وكلنا عرضة لهذا النوع من الإدمان، فمن يفتح صفحته بشكل تلقائي، دون انتظار خبر معين، أو متابعة جهة أو شخصية تنشر ما يفيده، ومن يفتح هاتفه بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة، ومن يقضي ساعات كثيرة دون وعي، فهؤلاء مدمنون يواجهون خطرا جسيما.
خلاصة القول، هنا ضاعت الكثير من الأوقات، وهنا أعلن الكثير من الشبان النوابغ استسلامهم، وانضموا لقافلة الكسالى.
فليتنا نقلل من التصفح العشوائي، وتكون لنا أهداف واضحة لتواجدنا هنا.
وإن غاب المحتوى المفيد بين المضافين لديك وعند من تتابعهم، فعليك باليوتيوب، فهي أفضل جامعة في العالم الثالث.