فاطمة أبكر عبدالرحمن نور- طبيبة وداعية
هل تريد العودة إلى الله؟
هل تشعر بأن قلبك يعتصر من الألم لأنك مذنب؟ هل تزاحمت عليك المشاكل والهموم؟ هل تعبت من الضياع وتريد أن يمن الله عليك بطريق الهداية والنور؟ هل تتمنى أن يردك الله إليه رداً جميلاً لكنك لا تعرف كيف؟ لا تقلق فهو سبحانه يهديك، يرحمك، يلطف بك، يرعاك، يرزقك، يحفظك، ينتظر ويفرح بعودتك إليه دائماً.
ما أغلق الله تعالى بابه لحظة واحدة لأي عبد من عباده، فبابه مفتوح للعائدين دائماً، لا يغلق أبداً قال عليه أفضل الصلاة والسلام: “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل” هل تعتقد بأن الله سبحانه يطلب منك أن تعود إليه ثم لا يقبلك؟ كل ما عليك فعله هو أن تتجه إلى الله، اذهب إليه بقلبك المنكسر، بذنوبك، بخوفك، وبروحك المتعبة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله “سيروا إلى الله عرجاً ، ومكاسير ” أي لا تتوقف عن العودة إلى الله، إن كنت تصلي وتقطع الصلاة أحياناً لا بأس، واصل ولا تتوقف عن صلاتك واطلب العون من الله، إن كنت تقرأ القرآن لكن قراءتك مكسرة ولا تحسن القراءة أو لا تستشعر ولاتتدبر الآيات، لابأس واصل وأحرص على أن تبحث عمن يعلمك القراءة وحاول أن تستحضر قلبك، واصل السير إلى الله تعالى ولا تتأخر.
ويقول ابن القيم : لا يزال المرء يعاني الطاعة حتى يألفها ويحبها، فيقيض الله له ملائكة تؤزه إليها، توقظه من نومه إليها ومن مجلسه إليها، حاول جاهداً، اصبر، وأدع الله دائماً، كلما ازداد العبد قرباً من الله أذاقه من اللذة والحلاوة ما يجد، طعمها في يقظته ومنامه وطعامه حتى يتحقق ما وعده الله فيه.
قم الآن أنوي العودة إلى الله بقلب منيب وخاشع، توضأ وأطرق بابه، صلي ركعتين أو أربع، أو حتى عشرة، أعلن توبتك الصادقة أمام الله، أطل سجودك وتحدث إليه، أبكي، لا بأس في أن تبكي وتظهر ضعفك وانكسارك لله، تكلم معه بلغتك، بلهجتك التي تتحدث بها كل يوم، بكلماتك الغريبة وبدون ترتيب، سبحانه يعلم مسبقاً كل شيء، لكنه يحب أن يسمعك لأنه يعلم بأن التحدث يجعلك، تشعر بالراحة، تتحدث معه ،لأنك تعلم بأنه يسمعك وبأنه قادر على سماعك بلا كلمات، قادر على مساعدتك، قادر على تخفيف ألمك، وقادر على هدايتك.
هناك ما يسمى بـ “فلسفة الذنب” إن بعض الذنوب هي التي تجعلنا نعود إلى الله، هي التي تشعرنا، بالندم بالألم والضعف فنقرر بعدها العودة إلى الله، وهذه طريقة من طرق الله في الهداية، تجعلك تقترف ذلك الذنب لتشعر بالندم والضياع ،وتعرف قيمة القرب منه سبحانه ،فتقرر العودة إليه ويقبل توبتك، ابدأ عهداً جديداً من الله، قم بكتابة جميع الذنوب التي تعتقد بأنها تبعدك عن الله، انظر إليها جيداً هذه هي من تأخر عنك أمنياتك هي ما تجعلك، تشعر بالضعف، وبأنك بلا قيمة، وهي ما تبعدك عن الله.
أعزم على تركها، قرر أن لا تعود إليها مهما كان الأمر، اطلب من الله العون، وقل “اللهمّ أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” عد إلى الله دائماً وكل يوم، أذنب وتب، مرةً تلو الأخرى، لا بأس لا يوجد إنسان معصوم عن الخطأ، ولو كان كذلك لكان من الملائكة وهذا الأمر مستحيل، الله يحبك أن تعود إليه، أن تذنب لكنك تعود في النهاية، لأنك تحبه .
وبالتأكيد لم تقع عينك على رسالتي اليوم بالصدفة سبحانه من أرسلها إليك لأنه ينتظر عودتك ويحبك.