خالد بن علي- كاتب وإعلامي
تشاد
إن الاستقلال الذي تعيشه كثير من المستعمرات السابقة ما هو إلا استعمار غير مباشر، فالرجل الأبيض الذي يحمل سوطاً ويتجول في الحقول لم يعد مرئياً، بل أصبح له مناديب، ويمكننا أن نقول بأن الاستعمار الحالي هو لغرض الاقتصاد والنفوذ، على أن تعيش المستعمَرة في ظلام وجهل وحروب.
وهذه جناية الشعوب على نفسها، ما زالت شعوب المستعمرات توالي قبائلها على حساب القضايا المصيرية للأمة.
وما زالت المصالح الشخصية هي الدافع والمحرّك لقطاع عريض في المجتمع، في هذه الأجواء من الرجعية والانتهازية لا يمكن أن يأتي تغيير حاسم.
إنها شعوب غير قابلة للاستقلال وغير مستحقة للحرية والكرامة، إلا إذا…
إلا إذا تغيّر تفكير الناس من الانتهازية إلى التضحية، من القبلية إلى الوطنية، من المجاملة إلى النصيحة والمصارحة.
إننا لكي نحقق الاستقلال الحقيقي يجب أن نتسامح كما تسامح الرونديون، حيث طووا صفحة الماضي بظلمه ومجازره وثاراته.
يجب أن نتخلص من الأنانية وحب التسلط، ونركز على العمل والإنجاز الفردي والجماعي.
تأخذ الأمور منحىً إيجابياً عندما يبدأ كل فرد في إصلاح دائرته أو إصلاح نفسه على الأقل، بمدأ التحسين المستمر.
والكف عن استهلاك الشعارات والمتاجرة بها، وترسيخ قيم المواطنة والإخاء والعمل والتضحية والصدق والأمانة والنزاهة، وجعلها سلوكاً حياً في المؤسسات التعليمية والحياة العامة.
إننا بحاجة إلى قدوات فعلية يوجهون الرأي العام ويتعاملون مع قضايا الأمة بعدل وحياد، فمجتمع بلا قدوات يكون عرضة للدمار والفناء.
لكي نصبح أمة قابلة للاستقلال فنحن بحاجة إلى إعلام مهني قادر على تلبية رغبات المواطن، ويحيي فيه قيمه وأصالته والحس الوطني، إعلام يجمع المواطنين على هوية واحدة ورؤية واحدة.
فإذا تحققت هذه الشروط يكون الشعب مستحقاً لنيل حريته واستقلاله، وقادراً على الاستمثار في موارده والانتفاع بها.