نوفمبر
25
شعب مستعجل .. دين

“أسرع، أسرع.. شعب مستعجل!” هتف بها بائع البقالة بانزعاج من الزبائن الذين يطلبون طلباتهم مستعجلة. سمعتها عندما اقتربت من الزجاج الفاصل بين أغراض البقالة ومكان وقوف الزبائن،  دنوت منه، ماسكًا رأسي المتألم بالصداع بين راحتي يدي المرتجفة من المرض، لم أعِر أي اهتمام لأولئكَ الزبائن الذين سبقوني، صحت بصوت متحشرج: -“يا معين، هات لي خلطة […]

نوفمبر
15
أنت شريك في سموها وانحطاطا

عندما تلجأ إليك ابنتك أو أختك طلبًا للمساعدة في مواجهة مشكلة أو خطأ وقعت فيه، يجب أن يكون رد فعلك الأول هو الاستماع إليها بكل اهتمام. فقد تكون تعرضت لموقف صعب، سواء نتيجة غفلة منها أو استغلال من الآخرين، أو حتى مضايقة خارج إرادتها، في تلك اللحظة الحرجة، تحتاج إلى دعمك وتفهمك. إن الإنصات لها […]

نوفمبر
14
كيف يمكن للفسلفة أن تحسّن قراراتنا اليوميّة

بداية الفلسفة تجعلنا في موضع تفكير وتساؤل، ما الشيء المهم في حياتنا، أو الشيء الذي قد يضفي معنى على حياتنا؟ فثمّة قيم ومبادئ خاصة بك عليك أن تحددها وتحدد أولوياتك منها، لكن إذا كانت هذه القيم ضبابيّة سيكون اتخاذك للقرارات صعبا وعشوائيا وبعدم وجود قيم لديك لن يكون لحياتك معنى. بول سارتر كان يرى أنّ […]

نوفمبر
14
عن أسد الصحراء

للعرب قادة عظماء، كلما سمعت أو قرأت عن أحدهم، تستقيم على رجلك ثابتًا مندهشًا، وإجلالا كرجل عسكري في حضرة وصول القائد.كانت قيادة تؤمن بقضايا الوطن وحق الحرية للأرض والإنسان. الشيخ عمر المختار واحد من قادة العرب الكبار الذين واجهوا أعتى إمبراطورية أوروبيّة، في سن متأخر. قيادة لم تستسلم للعجز رغم شيخوختها، ولم تخف يوم التلاحم […]

نوفمبر
07
والدك

يبدو غريبًا فلا تعرف نواياه، تتوه في دروب الحياة ثم تعود فلا تلقاه نفس الغريب الذي كان في زمانٍ غابر، يخطفه الملك فيصبح غريبًا في ذكرياتك، كما لو أنك لم تحيا معه سنين. «كان رجلاً جاهلاً ولم يتعلم أيّ شيء» تخيل نفسك أمام طفلك، اسأل نفسك من الآن ما الذي ستقدمه له؟لا أتحدث عن الملبس […]

نوفمبر
01
بين جمالية اللحظة وحتمية الزوال

لعل أعظم مأساة وجودية نعيشها هي إدراكنا لفناء كل شيء من حولنا.لم يكن ريلكه، وهو يراقب جمال الحديقة، وحيدًا في إحساسه بمدى هشاشة هذه الحياة وجمالها العابر. الشاعر مارسيل بروست، الذي أمضى حياته يبحث عن الزمن المفقود، كان كذلك يشعر بهذا الثقل المأساوي؛ لقد أدرك بروست أن كل لحظة نعيشها هي لحظة في طريقها إلى […]

أكتوبر
31
من فجر الدعوة إلى الطوفان- القضية لا تموت

تُعد الدعوة الإسلامية فجرًا تاريخيًا يعكس قيم الحق والعدل، حيث واجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه تحديات كبيرة من قريش.إن جهاد النبي وفتوحاته يمثلان مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق هذه القيم.أظهر أبو إبراهيم، من خلال مسيرته، أن النضال ليس مجرد سلاح، بل هو مجموعة من القيم والمبادئ التي تستند إلى رؤية عظيمة. […]

أكتوبر
29
عصا النبوءة

ما زلت أتأمل في ملامح  آخر لحظة نضال، الربع الأول من الدقيقة الثانية، هكذا يتصور لي المشهد بين الفينة والأخرى، رجل ستيني، يتمترس داخل منزل مدمر ومحاصر، بعصاه يحمي قلبه الذي ينزف شعبًا بأكمله منذ ثمانية عقود، يجلس على كرسي مترهل أغبر، مخاطبًا سردية العدو:-لا أختبئ في الأنفاق.يصون كرامة المقاومة التي لا تتخذ الأسرى دروعاً […]

شعيب الأحمدي – كاتب وصحفي

"٢"

عِشتُ حياة عادية، في قرية ريفية محاطة بقيود العادات والتقاليد، مع ذلك تعلمت الحماس لكل أمر أحبه، كانت البدايات دائمًا ممتعة، حماسيّة، أشدّ تفاعلًا ونشاطًا، تحديًا للواقع، إصرارًا على الوصول إلى المصير المجهول.

عندما دقت طبول الحرب، في الثالث عشر خريفًا، كنتُ متحمسًا للجندية، كثير الطموح والحصول على القبعة، مجنونًا بحب للعروض العسكرية، شاهدتُ رحال مسيرة رفاق الطفولة، الدراسة، السهر؛ هي تسيرِ أمامي، يتسابقون نحو الداعي: “حي على الجهاد” وأنا لستُ منهم.

ظللت خلال خمسة أشهر أقعُد على العُشب وحيدًا في القرية أترقب صورهم وهي تجول في ميادين الوغى بحزن أليم على ما فات.
آنذاك كنتُ شابًا يافعًا في نهاية الإعدادية، إلا أن والدتي كانت ترفض الفكرة رغم ذلك الإصرار، كل الكلام الذي يوحي بأني سأذهب، وترفض وساطة أخواتي!. في ليلة ماطرة نهاية الصيف، الساعة السادسة مساءً، كانت جلسة خاتمة للأمر، أخبرتها بكل عنفواني، وحيلة طفولية شيطانية:
-الجهاد واجب على كل من له القوام على المقاومة، وأنا منهم! انظري إلى فلان وفلان
-الجهاد أن ترضى عنك أمك! وأنت لست مثل البقية.
أمي امرأة أمية؛ لكنها كانت مدرسة، بعد ذلك الدرس كرهتُ الفكرة أشدّ كرهًا، وظللتُ أربع سنوات إضافيّة فلاحًا، في القرية.

في ثاني اثنين مُنذُ أربع سنوات تقريبًا، حاولت أنَّ أصبح كاتبًا؛ شغوفًا، أن أجدّ وقتٍ كافِ لقراءة الأدب، الفكر، السياسة بحد أقوى، وأنسج الخيال إلى بطن الكتب ببراعة، لزمن المجهول مثلي الآن، كُنتُ على اطلاع في حدٍ كبيرٍ من شباب القرية في ذات العمر، مناقشًا بكل جرأةٍ في الدفاع عن جماعات نُسبت لها مبكرًا؛ ونبذ جماعات أخرى أيضًا مناقضة، قليل المعرفة كما يبدو الآن! كثير الكلام آنذاك!. كنتُ متحمسًا لكل شيء، أن أخوض غمار كل شيء أيضًا، وأمر من أمامها منتصرًا؛ تعلمت السهر آنذاك إلى مطلع الفجر، أناقش هذا، أشتم ذلك، أخالف فلان، لأجل علان، كان يبدو لي الأمر إني صاحب الحقيقة المطلقة، الرأي السديد، الكلمة الصادقة وحدي، ومن يخالف فهو في الضلال، لم أكسر في أي مواجهة حتى مع أشذّ الناس تعصبًا لفكرته كنت أرفع صوتِ أعلى منه، وأتحدث بغرور كبير.

بعد عامين من محاولات مليئة الفشل، قرأت بشكل أوسع من تِلكَ الدائرة، بعدها أصابني الأرق، والاكتئاب المفاجئ من صور الضحايا المعلقة في ذاكرة الأماكن، أشلاء الأطفال المدفونة تحت أنقاض الدمار، من مجازر الحرب، أنين الأمهات على أطفالهن وأزواجهن ليلًا ونهارًا، اللذان لم يعودا، حتى أصاب الذاكرة الكهل، الألم، وجراح السنين في سِنَ مبكر، أصابني العجز عن الفعاليّة، أصبحتُ أمقت الساسة والسياسيين، وخلست كل شيء عنفواني لأكن قريبًا من الإنسان، وأنشر صورة حقيقة عن واقعة.
في لحظة مباغتة الآن جُفت أقلام الشغف، تبعثرت الحروف في جُب الخيال، قُطعت الكلمات في الوجدان، وحُرق الأمل في الصُحف، وبلغ الألم منتهاه في الذاكرة!
وحديث طويل تجمد في القلم:
-مطالبًا الحياة أن أعود فلاحًا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *