إبراهيم عبدالكريم محمد- شاعر
#تشاد
منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستعمره في الأرض أصّل في داخله حب الإكتشاف والتطلع نحو التجديد في كل عصر وزمان.
فلو رجعنا إلى العصور السابقة وقارناها مع عصرنا الحالي لوجدنا أن العالم في تطور خيالي مطرد بدء من العصر الحجري القديم إلى عصر التكنلوجيا الرقمية، وهذا التطور شمل كل جوانب الحياة التي يعتبر التعليم ضمن الركائز الأساسية التي تقف عليها…
فإذا ما قمنا بجولة استكشافية في مراكز بحوث الجامعات الراقية، لوجدنا البحوث تتزايد بين الفينة والأخرى من قبل الباحثين الذين يواكبون العصر بكل تفاصيله في شتى التخصصات الحية، إضافة إلى المجلات العلمية التي تنشر هذه البحوث وتوثقها بشتى السبل المتاحة لتنفيذ ذلك نظرا لاهتمام دولهم بهذا المجال المهم.
وبالتالي تساهم هذه البحوث في حلول العديد من المشكلات التي تعيق مسيرة عجلة التكنلوجيا والتطور.
بينما نلاحظ عكس ذلك في معظم الجامعات التشادية التي لم تحلم بمراكز البحوث أصلا وهي في سباتها المألوف، فأغلب الدكاترة¹ بعيدون جدا عن المعرفة والإطلاع والبحث العلمي مما يجعل الكثيرين منهم يقضون كل أعمارهم الأكاديمية يدرسون بنفس المذكرة التي أكل وشرب عليها الدهر بأساليبهم التقليدية القائمة على النسخ واللصق فأصبح الطلبة مجبرين على حفظ ما جاء في المذكرة خشية أن يعمدوا إلى التعبير من خلال بحثهم الخاص فيرسبوا في المادة، لأن سيادة الدكتور لا يريد سوى ما جاء في المذكرة طبق الأصل فيكتفون بما جاء في المذكرة، وهذا ما قتل العبقريات المتأصلة في نفوس الطلبة وحوَّلهم إلى قنوات جوفاء تُمَرَّرُ فيها المعلومات من المذكرات إلى أوراق الإجابة دون أن يعلق بها شيء من المعرفة، وبذلك دُفنت مواهبهم التحليلية في قاعات الدراسة وتخرجوا كما دخلوا حاملين بين أيديهم شهادات ورقية ليسترزقوا بها في قابل الأيام…
فقلما تجد متخرجا يحاول أن يطور من مهاراته التخصصية بعد التخرج لأنه كره تخصصه منذ التحاقه بالجامعة ولكن لا يملك خيارا آخر، خصوصا في التخصصات العلمية التي تفتقد الجانب التطبيقي تماما، وهذا القصور يقع على عاتق الدولة التي لم توفر شيئا في المعامل الموجودة بكليات العلوم في الجامعات، إذ يمر الطالب بكل المراحل الجامعية دون أن يشاهد أي تجربة علمية سوى الدراسة النظرية التي تفقده شهية الإستمتاع بالمواد العلمية التي تعتبر من أمتع العلوم في الجامعات العالمية الأخرى، فهل يرجى من هذا المسكين أن يحدث تطورا في تخصصه وهو لا يمتلك أبسط المعلومات التطبيقية التي يتقنها تلاميذ المراحل الإعدادية في العالم الآخر!
إن المتأمل في منهجية التعليم التشادي يجدها في حالة تقليدية يرثى لها، لأن المناهج وطرق التدريس ما زالت تحوم حول تأريخية العلم ولم ترق لتلامس العلم الحقيقي بعد، وهذه معضلة كبرى ستظهر سلبياتها في قادم الأيام وليس ذلك ببعيد.
فهذه المسألة لا تحتاج إلى التساهل والتلاعب بقدر ما تحتاج إلى العزم والجدية، لأننا جميعا مسؤولون من ذلك ويجب علينا أن نحدث تغييرا بكل ما أوتينا من قوة حتى ولو بأقلامنا وذلك أضعف الإيمان.
جميعا نؤمن بأن هناك نواقص حادة في كل مقومات الحياة الكريمة في هذا الوطن تجعل المواطن يعوم في أمواج غارقة من الظروف تنسيه معظم مطالبه الأساسية ولكن مع ذلك علينا أن نهتم بالتعليم فعندما نفقده نفقد كل شيء.
وإلى جديد الملتقى في مقال آخر بإذن الله.
إبراهيم عبدالكريم محمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
¹. هذا لا يعني انعدام الكفاءات تماما في حقل التعليم، فهناك أقلية من الدكاترة والمعلمين يقدمون الغالي والنفيس في سبيل تقديم الأجمل والأسمى، فهم أندر من ماء العين وما زلنا نذكر مواقفهم التي تثبت ذلك فلهم كامل التقدير والاحترام.