شعيب الأحمدي- كاتب
#اليمن
بعد يومٍ ممزوج على صدري بالحب…
رياح باردة تتساقط خلف النافذة، نفحاتها تتسلل إلى صدري، كمن يريد انتزاع جسدي من الفراش، وتتحدث:
-لا وقت لنوم الجميع يتساقط إلا جذورك في الحب تنبت.
أتعلمين لم أكنّ معتادًا على التسكع في الصباحات الخريفية.
صحوتُ قبل المدينة والعصافير، ارتديت بنطالًا أزرق مثل السماء ومعطفا رمادياً، لم أجدني أنيقًا في المرآة المعلقة على حائط الغرفة، خرجت للتسكع في الشوارع، هنا الكثير من المختلين وبائعي الخضروات، يتسكعون بأشكال مختلفة لكنه الهدف واحد -عمل- والمصير وآحد كسرة خبز من عرق الجبين.
يبدو شارع المدينة هادئًا وأنيقًا لولا صياح السيارات والدراجات النارية ودخان بائع السجائر في جولة المسبح.
السابعة صباحًا تتسلل الشمس على الأرصفة الهادئة ببطء، تسحب أشعتها بخجل مثلكِ، تنادي النائمين “حي على خير العمل” يبدو الخريف جميلًا، يحمل في طياته الكثير من البشارات الجميلة، وعينيكِ أعظمهن.
الساعة التاسعة بتوقيت الشمس والواحدة في توقيت قلبي، أزقة المدينة تحمل الكثير من الأشكال الوردية، عابرون كُثر وضحكتها فراشات تُحلق عندما تتحدث.
أتذكر الوهلة الأولى من تلك الساعة وهي تتمايل في مشيتها كأنها فراشة ترقص على الورد في بُستان جميل.
جمعنا الرصيف أول مرة، في أحد شوارع المدينة المتهالكة من الحرب العابرة قبل أعوام من الآن، كانت ترتدي معطفًا أسود، وجواربًا صوفية تقيها من البرد، عينيها عسلية وعلى خدها الأيمن غمازة المعصية الأولى، يناديها الباعة والمتجولين بآنسة” وقلبي يا رفيقة! لا أعلمُ اسمها الحقيقي عقلي يدعي أنها قطعة من السماء.
بعد تجوال متعب ناديتها:
تعالي صفي هنا في الهاوية، هاوية اللامبالاة للحياة، أشرقي على قلبي ببطء مثل شمس الشروق على نافذة بيتكِ، تمردي مثل عصافير الصباح وأنتِ تعانقين جسدي، لا تؤمن بقوانين السير ولا تحلق في إطار واحد، لحني بصوتكِ العذب قطرات المطر، ارقصي على أوتار التنزه في شوارع المدينة، تنفسي على جبال صدري الشامخ مثل مقامكِ الممشوق من النجوم.
تقدمي بجسدك وسمعك وعينيك لأقف بكل هذا الخجل أمامك وأنا مرتبكًا لأقول للعابرين، إنها حبيبتي.