منى عبد الرحيم- كاتبة
#السودان
ها قد أتت المعونات بعد ثلاثة أشهر كنا نقتسم كل شي نشتري الماء وغيره من الضروريات.
هرول الجميع نحو موظفي المنظمة، خجلت أنا لم تسمح لي نفسي بالخروج لتلقي المعونات ذهب الجميع وبقيت وحدي في ذهول كيف حدث هذا؟
ذهبوا إلى دار إيواء آخر لم توزع المعونات في مدرستنا.
كما أسلفت لم أذهب، وما جال في خاطري لايمكن أن يكتب ولكن يمكنك فقط أن تشعر به، أشياء تشعر بها ولكنك لا تستطيع كتابتها
بعد مرور بعض الوقت اتصل بي المشرف وأكد ضرورة حضوري
حملت قواي وذهبت واستلمت معونتي.
ترك ذلك في نفسي أثرا عميقا
رميت الكثير من اللوم على نفسي كيف آمنت الحياة كيف اطمأننت هكذا لم أحسب حساباتي، علينا في الدول النامية أن نكون يقظين ونحسب حساباتنا لما قد يأتي بغتة فحياتنا على كف عفريت كما يقولون
كان علي أن أكتنز بعض الذهب، الآن لم تصبح للعقارات قيمة ولا السيارات
لو كنت أكتنز بعض الحلي لكنت صنعت الصابون وابتعته لدي خبرة في صناعة الصابون وأخذت وعدا على نفسي، إذا عدنا لحياتنا الأولى سأكتنز الذهب فقط.
في السابق كان من يمتلك عقار يستأجره كان يعيش ملكا لم تصبح للأرض قيمة ولا الإنسان، لكن بفطرتنا نحب البلاد والديار ونشعر بالحنين تجاهها لذلك سأكتنز ذهبا إن تمت المفاوضات واتفق العسكريون.
لا أمن وأمان لهم سآخذ ذهبي وسأعيش حياة كريمة إن سمح لنا من يتحكمون بقرارت حياتنا.
اليوم ضربت إحدى دور الإيواء بولاية النزوح بالغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة توفي على إثره طفل، وثلاثة أطفال في حالة خطرة وهنالك اعتقالات للنازحين، هجمت الشرطة على الدار لإخلائه لأن حكومة الولاية تريد استعادة التعليم.
مسلوبون حق الحياة حتى بعد أن تركنا الديار ونزحنا إلى ولايات ظننا أنها آمنة.
شعرنا بشيء من الانبجاس ولكن الجميع في الدار أتقن الصبر فعم هدوء غريب لم يختلط الجميع اليوم كل في فصله هادئيين مثقلين ……
نفس الهموم نفس الأفكار نفس الهدوء
لم يكن أحد منهم على استعداد لكل هذا كانو منهمكين في حياتهم كادحين جميعهم كادحون.
طبقة الكادحين هم الذين يقطنون دور الإيواء لأنهم لايستيطعون تحمل نفقات إيجار مسكن وتبعاته أما بقية الطبقات هم من غادروا مرغمين إلى دول يستطيعو فيها مواصلة حياتهم بشكل طبيعي ومنهم من استأجر منازل في الولايات.
أما هؤلاء فانتهى بهم الحال كما قرأتم.
صرخات من فصل فوزية، هرعنا
فوجدناها ملقية على الأرض تحاول ابنتها أن تساعدها على التنفس باستخدام نصف البصلة.
فوزيه فوق الخمسين كيف لها أن تتحمل كل هذا تم نقلها إلى المستشفى وكعادة النازحين، ارتفاع ضغط الدم.
خالد شاب عاطل عن العمل رفض أن يعمل على عربة الكارو التى اقترحناها له أنا وعم محمد
كان النظام أن يستأجر ها مقابل ألفي جنيه لليوم ويعمل بها في نقل الماء كان مشروعا مضمون يدر عليه بمبلغ يساعده في المصاريف ولكن طبيعته المدنية وأسلوب حياته لايتوافق مع أعمال كهذه كما قال، وأضاف أنها تحتاج إلى خبرة قيادة الحمار، فالأمر بالنسبة له ليس سهلا.
أخلاقه أصبحت ضيقة، يفتعل المشاكل مع الكبير قبل الصغير
والدته ذكرت لنا إنه لم يكن هكذا في السابق، امتهن الطبخ مع البخيت وكان أمينا للمخزن، مدير المدرسة ومشرف الدار عيناه، فيصرف العدس والفاصوليا والزيت والدقيق والفحم بمقدار معين لمن يريد الطبخ برنامج الطبخ ثابت على الشباب ولكن أحيانا تطبخ النساء فيصرف لهن المواد وكان هذا سببا للاحتكاك المباشر وتبادل الشتائم.
كان اليوم الذي تطبخ فيه الفاصوليا فصرف لهم زيت لايكفي ودب شجار وتلسنت النسوة عليه فغضب وسكب الطبخ على الأرض.
بسبب تصرف متهور غير مسئول خسرت ثمانية وستون أسرة َوجبة الغداء مع العلم لاتوجد وجبة عشاء في الدار فطور وغداء فقط توقيت الفطور عند صلاة الظهر، وقرابةالمغرب تكون وجبة الغداء
لم يعتذر ولم يقدم حلول لمشكلة الغداء هذه ولم يشعر بالمسؤولية تجاه عدد الأسر الهائل، أطفال ومرضى وكبار سن،
مافرقك أنت ممن افتعلوا الحرب ووقعوا لنا على هذا المصير ولم يأبهو لأمرنا.
حلت الأمهات هذه المشكلة وصنعوا أرز وعدس مطبوخين مع بعضهما البعض،
بائسون جدا لكنك لاتحتاج لمعجزة لإسعادهم فقط العودة لديارهم.