شعيب الأحمدي- ناشط صحفي
#اليمن
في كل زوايا الحوانيت القديمة، يلعب الأطفال مع أحلامهم الغميضة، على بعد مسافة قريبة من العُمر انتصب تذكار مستقبل العابرين بدماء زكية.
أصبح كل شيء يذبل من الحرب، أمل الأطفال، سعادة الأمهات، ضحكات الآباء، الأحياء المكتظة بالسكان، المقاهي القديمة، الطرقات المهجورة، والشوارع المعتمة، الزيتون وورد الياسمين، لم يتبقَ إلا الإرادة بالبقاء في أعماق الطفولة وقلوب الكهلة والنساء الثكالى، والإيمان بالنصر يزهر من بين الركام كوردة ذابلة.
منذ أن أصبحت صباحات غزة غير صباحات العالم، أصبح الليل يشابه النهار من القنابل الضوئية، قصف مباني على رأس ساكنيها، والظلم لم يتوقف عند عُمر طفل أو كهل، لم يفرق بين رجل وامرأة.
منذ ذلك الزمن الموعود عقمت الأم الفلسطينية من انجاب طفل يلهو ويلعب في أزقة الشوارع، أنجبت طفلًا يكبر على صوت القذائف أسرع من الضوء؛ يخرج على هيئة رجل في الثلاثين مقاوم، رصاصته حجارة من سِجيل، ينتصر لرفح وجباليا وعكا ويافا وفلسطين كلها ويهزم الأحزاب وحده.
أسائل نفسي الماطرة بالخزي الأمارة بالخوف والخجل:
-ماذا يعني أن تكن فلسطينيًا؟.
لا بيت ولا زوجة بلا أطفال في انتظار عودتك من العمل في ظهيرة اليوم، لم أجد جوابًا كافيًا في الأرصفة المتعبة من الدمار، الغارقة بالدماء، المنزعجة من ثقل الدبابات العابرة على جثث الضحايا من الموت إلى الموت!.
تقول إحدى العابرات على وتر العزف الحزين:
-كان يجب عليَّ ألا أكن فلسطينيًا لكنني أصبحت كذلك!
أن تكون فلسطينيًا توجب عليك الحياة قانونها الخاص، تكُن بلا مأوى في غسق الليل، عندما تعود إلى بيت مهدومة على رؤوس الآمنين، تجر خيباتك من نهار مثقل، تقعد على الركام بلا غرفة تستر كبريائك، تحتضن الفقُد وتستر الوحدة، يجب عليك بأن تظل في العراء تنسدل بتعبك على الأرض تعانق السماء بعينيك وترتقب قذيفة تسلك طُرق عدة باسم الإنسانية لتقتل الإنسان بلا رحمة.