ندى عبد القادر- كاتبة
السودان
في نهاية العام الدراسي وعند موعد إعلان نتائجه، ينتاب الطلبة خوفٌ وتوترٌ، يسيطران عليَّ وعلى وأصدقائي، تُرى ماذا سيحدث، وهل سنعبر؟
توكلنا وتعاهدنا على أن نرى ما ينتظرنا في آنٍ واحد وأن نصرخ بالنتيجة أيًا كانتْ، صرخنا ثلاثةً قائلين: ” نجونا” لم نقل نجحنا، فالنجاح وحدهُ ما كان ليعبر عما بداخلنا، أما رابعنا فقد كان صامتًا لم يتفوه بكلمةٍ قط، نظرنا إليهِ قائلين: ماذا حدث؟
لماذا لم تبُح بنتيجتك؟!
رد قائلًا: ماذا عساي أقول، لم أرد أن أعكر عليكم فرحتكم، فأنا أعاني يأسًا وانكسارًا كبيرًا، ولكن على كل حال مباركٌ لكم النجاة، أما أنا فقد هلكت.
حزنا لِما حل بهِ، وأخبرناهُ أن الفشل ليس النهاية، لا تدعهُ يوقفك أبدًا، نصحناهُ بأن يقاوم ويبدأ من جديد، تأثر بكلامنا ولكن خيبتهُ لم تزُل من وجههِ أبدًا، اكتفينا هُنا وقمنا بأِنهاء النقاش وافترقنا.
تفاجأت عند منتصف الليل بورود رسالةٍ منهُ مضمونها” قررت أن أنهي هذهِ الحياة يا صديقي، لا أقوى على العيش مع الفشل” كلماتهُ كان قليلة، ولكن قوةُ الواحدةِ منها تصرخُ بألف كلمةٍ تحمل أقسى معاني اليأس، الوقت قد تأخر ولم يعد بوسعي أن أذهب إليهِ لأوقفهُ عن اقتراف هذا الذنب بحق نفسهُ، حتى وإن حاولت سأصل بعد فوات الأوان؛ لذا قررت أن أكتب لهُ رسالةً، أقنعهُ فيها على أن لا يفعل ما سيُقدم على فعله، قائلًا: عزيزي خالد اعلم أن ما تمُر بهِ سيمرُ يومًا وستصبح ما تريد، ما عهدتكَ جبانًا غير قادرٍ على تجاوز قلائل الصِعاب، اسمك يشير إلى الصمود إذاً كيف تُفكر في إنهاء حياتك منذ أول عثرة؟!
أنت حزينٌ لأن غيرك قد تقدم خطوةً للأمام تاركين إياك في الخلف، لكن الرجوع إلى الخلف يعطي دفعةً أقوى للمضي قُدمًا، لا تدع ما سيقولهُ الناس يشغل تفكيرك؛ فسواء أن نجحت أو فشلت في كلتا الحالتين لن يكفو عن انتقادك لتدميرك، ربما يأتون إليك قائلين” انظر إلى فُلان أصبح طبيبًا، وأن فُلان قد أصبح مهندسًا” سيأتونك بالنصف الممتلئ من الكوب، تاركين النصف الخالي عند فُلان، ألاَ وهو خلف الكواليس التي عانها فُلان ليصبح ما يريد، كيف حارب اليأس قائلًا لا بأس، كيف أنهُ استند على الفشل للوصول إلى النجاح، كم تألم، كم تحطم وكيف تجاوز كل هذا لن يخبرونك بهذا فهُم لا يريدونك أن تصبح ما تريد، لذا لا تفكر بهم، بل انهض؛ فالفشل لا يكمن في السقوط بل بالبقاء في الأرض دون محاولةً للنهوض، اتمنى ألا تقدم على ما قُلتهُ، أتمنى أن تُحارب نفسك وأفكارك، طاردًا السلبية مبقيًا على الإيجابية فقط في عقلك، قاتل لأجلك في المقام الأول، ولأجلي حتى ولو في أدني مقاماتك، فالله يعلم أنني لا أقوى على خسارتك.